حوادث وقضايا

غزة تحت النار والجوع: قتلى مدنيون واتهامات متبادلة تزيد المشهد تعقيدًا

"اتهامات متبادلة بين حماس ومنظمة غزة الإنسانية: مأساة إنسانية تتفاقم في قطاع غزة"

في تطور مروّع يعكس عمق الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، شهدت الساعات الأخيرة سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية. وبينما وُجهت أصابع الاتهام لإسرائيل بسبب هجمات جوية على نقاط تجمع، خرجت منظمة أمريكية-إسرائيلية باتهامات مباشرة لحركة حماس بقتل موظفين محليين خلال توزيع ليلي للمساعدات. الأحداث تأتي وسط صمت رسمي من حماس، وتنديد متصاعد من منظمات دولية، بينما يلتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ولايته الثانية، بالدفاع الصريح عن إسرائيل وحلفائها.

اتهامات مباشرة لحماس بقتل عمال إغاثة محليين

قالت “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF)، وهي منظمة أمريكية-إسرائيلية أسست بديلاً لوكالة الأونروا، إن خمسة من موظفيها الفلسطينيين قُتلوا في هجوم شنّه مسلحون تابعون لحماس أثناء عملية توزيع مساعدات غذائية ليل الأربعاء. وبحسب بيان المؤسسة، وقع الهجوم قرابة الساعة العاشرة مساء، حين أوقفت مجموعة مسلحة حافلة كانت تقل فريق التوزيع، وقامت بإطلاق النار واحتجاز بعض الموظفين كرهائن.

ورغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان قد حذر مسبقًا من الاقتراب من مناطق التوزيع قبل الساعة السادسة صباحًا، أشارت المؤسسة عبر صفحتها العربية على فيسبوك إلى أن عملية التوزيع جرت عند الثالثة فجرًا، ما أثار تساؤلات حول اختيار توقيت محفوف بالمخاطر.

رئيس المؤسسة: “قتلهم كان شرًا محضًا”

جوني مور، القس الإنجيلي والمستشار السابق للرئيس ترامب، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس مجلس إدارة GHF، وصف مقتل الموظفين بأنه “عمل من الشر الخالص”. وكتب عبر حساباته الرسمية:

“هؤلاء الشباب لم يكونوا مقاتلين، بل عمال إغاثة أرادوا فقط إطعام شعبهم. لقد قُتلوا لأنهم خيّرون، وهذا ما يجعل جريمتهم أكثر بشاعة”.

مور، الذي يملك علاقات قوية بالإدارة الأمريكية الحالية، دعا إلى محاسبة المسؤولين، مضيفًا أن “منظمات مثل GHF يجب أن تبقى فوق الصراعات”.

حماس ترد بقتل عناصر من ميليشيا مدعومة إسرائيليًا

في المقابل، لم تصدر حماس ردًا رسميًا على هذه الاتهامات، لكنها أعلنت لاحقًا أنها قتلت 12 عنصرًا من ميليشيا “أبو شباب”، التي تتلقى دعمًا مباشرًا من الجيش الإسرائيلي، بحسب ما ذكرت مصادر محلية. وتحدثت تقارير ميدانية عن إعدامات فورية جرت في مدينة خان يونس، وسط توتر متزايد بين الحركة والميليشيا المسلحة بقيادة ياسر أبو شباب.

وتتهم حماس هذه المجموعة بالضلوع في عمليات أمنية لصالح الاحتلال، وتقول إنها تسعى لإضعاف سيطرة المقاومة على بعض المناطق في الجنوب.

60 قتيلًا خلال توزيع المساعدات في يوم واحد

تزامنًا مع هذه الأحداث، أكدت وزارة الصحة في غزة مقتل 60 فلسطينيًا الأربعاء، بينهم أكثر من 40 شخصًا سقطوا أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع مساعدات غذائية تتبع GHF. وفي صباح الخميس، قالت وكالة الدفاع المدني إن إسرائيل قتلت 22 مدنيًا آخر، 16 منهم كانوا ينتظرون المساعدات في مناطق مختلفة بالقطاع.

وقد استهدفت طائرات استطلاع إسرائيلية تجمعًا للمدنيين قرب معبر نتساريم، ما أسفر عن نقل 10 جثث وأكثر من 200 جريح – بينهم أطفال ونساء – إلى مستشفى العودة.

إسرائيل تسمح بدخول محدود للمساعدات للمرة الأولى منذ 3 أشهر

في تحول نادر، سمحت إسرائيل بدخول 56 شاحنة مساعدات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي عبر معبر زيكيم شمال غزة. إلا أن البرنامج الأممي أوضح في بيانه أن الكميات المُدخلة لا تكفي لتلبية أدنى الاحتياجات، كما أن عمليات التوزيع تعطلت بسبب استمرار القصف والقيود الأمنية، ما اضطره للسماح للمدنيين بتفريغ الشاحنات بأنفسهم.

وأشار البيان إلى أن أقل من 7 آلاف طن متري من المساعدات دخلت غزة منذ 19 مايو، محذرًا من استمرار منع التصاريح أو تأخيرها بسبب التصعيد العسكري.

ترامب يدعم GHF ويصعّد ضد الأونروا

منذ بداية ولايته الثانية، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعمه لمؤسسة GHF باعتبارها بديلًا عمليًا للأونروا التي تتهمها واشنطن بدعم عناصر مرتبطة بحماس. رغم أن التحقيقات الداخلية لم تثبت تورط سوى 9 موظفين من أصل 13 ألفًا في الأونروا، تواصل الإدارة الأمريكية الضغط لتعليق نشاطها.

في المقابل، رفضت GHF التعاون مع منظمات الإغاثة التقليدية، وفضلت إقامة نقاط توزيع داخل مناطق عسكرية محصّنة تحت إشراف إسرائيلي مباشر. وقد أدى هذا النهج إلى مقتل أكثر من 160 مدنيًا منذ بدء عمل المؤسسة قبل أسبوعين فقط، وفق تقارير حقوقية.

استقالة مبكرة وانتقادات لممارسات GHF

أثارت أساليب GHF انتقادات حادة من منظمات إنسانية، أدت إلى استقالة مديرها التنفيذي الأول الذي قال إن أسلوب التوزيع “يتعارض مع أبسط مبادئ الإغاثة الإنسانية”. كما أكد أن المؤسسة، رغم تمويلها القوي، تفتقر إلى الحساسية الميدانية والتفاهم المجتمعي في غزة.

أونروا تحذّر: غزة تتحول إلى نسخة من “ألعاب الجوع”

في تصريح قوي، قال المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني:

“الطريقة الجديدة لتوزيع المساعدات في غزة مهينة ومهلكة، وتعرّض الأرواح للخطر. لا يمكن السماح لهذا النموذج البائس الشبيه بـ‘ألعاب الجوع‘ بأن يتحول إلى واقع دائم”.

وأكد لازاريني أن لدى الأونروا القدرة والخبرة والثقة المجتمعية لتقديم المساعدات بشكل آمن وكريم، داعيًا المجتمع الدولي إلى التوقف عن تسييس المساعدات الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى