اجتماع سوري _اسرائيلي في باريس بوساطه أمريكية محاولة لاحتواء التصعيد جنوب سوريا
محادثات اوليه تحت إشراف أمريكي في باريس تسعي لإحياء اتفاق فض الاشتباك وسط العنف الطائفي

في تطور دبلوماسي نادر، أكدت مصادر سورية رسمية عقد اجتماع غير معلن بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين هذا الأسبوع في باريس، بوساطة أمريكية، بهدف احتواء التصعيد المتفاقم في جنوب سوريا، لا سيما في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، بعد أسابيع من العنف الطائفي والتدخل العسكري الإسرائيلي.
الاجتماع الذي جمع ممثلين عن وزارة الخارجية السورية وجهاز الاستخبارات العامة بمسؤولين إسرائيليين ناقش، وفق المصدر، “التطورات الأمنية الأخيرة وسبل احتواء التصعيد”، وطرح إمكانية تفعيل اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 بضمانات دولية، مقابل انسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من المواقع التي تقدمت إليها مؤخرًا داخل الأراضي السورية.
خلفية التصعيد: تدخل إسرائيلي مباشر بذريعة حماية الدروز
في وقت سابق من يوليو، شنّت إسرائيل ضربات على دمشق ومحافظة السويداء، معلنة أنها تهدف إلى “دعم الأقلية الدرزية” وفرض مطالبها بتجريد جنوب سوريا من السلاح. وتزامن هذا مع اشتباكات طائفية دامية بين مقاتلين دروز وقبائل سنية من البدو، تدخلت فيها قوات النظام السوري إلى جانب القبائل، ما أثار استياء واسعًا.
وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في 13 يوليو واستمرت حتى وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من 1,400 شخص، غالبيتهم من الدروز، في واحدة من أعنف موجات العنف الطائفي منذ سنوات.
لقاء باريس: مشاورات أولية… دون اتفاقات نهائية
الاجتماع، الذي جاء بعد لقاء سابق بين الطرفين في باكو بأذربيجان في 12 يوليو، لم يسفر عن اتفاقات نهائية، لكنه مثّل “بداية لإعادة فتح قنوات التواصل وتخفيف التوتر”، وفق المصدر السوري. وتمحورت المحادثات حول عودة العمل باتفاق 1974 الذي أنشأ منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة في الجولان، قبل أن تسيطر إسرائيل لاحقًا على أجزاء منها بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
الدبلوماسية الفرنسية تدخل على الخط
بالتزامن مع الاجتماع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر منصة “إكس” أنه تحدث مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، واعتبر وقف إطلاق النار في السويداء “إشارة إيجابية”، مؤكدًا أن “العنف الأخير يذكرنا بهشاشة المرحلة الانتقالية في سوريا”، ومشددًا على ضرورة حماية المدنيين.
الشرع بدوره حمّل، في بيان رسمي، مسؤولية العنف لما وصفها بـ”مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تسعى لتقويض الدولة”، ورفض “أي محاولات خارجية، خصوصًا من قبل إسرائيل، لاستغلال الوضع القائم”. كما أكد أن “السويداء جزء لا يتجزأ من الدولة السورية، وأهلها شركاء في بناء الوطن”.
إسرائيل تسعى إلى فرض أمر واقع بعد سقوط الأسد
منذ الإطاحة ببشار الأسد، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل سوريا لمنع سقوط أسلحة ثقيلة أو مواقع استراتيجية في أيدي الفصائل الإسلامية التي تقود الإدارة الجديدة. كما دفعت بقواتها إلى مناطق في جنوب سوريا، من بينها أجزاء من المنطقة العازلة في الجولان، مطالبة بإخلاء كامل للمنطقة من أي وجود عسكري سوري أو فصائلية.
مستقبل مفتوح: مفاوضات غير مباشرة أم بوادر تطبيع؟
رغم أن البلدين لا يزالان رسميًا في حالة حرب منذ عام 1948، فإن الاجتماعات غير المباشرة الأخيرة –في باريس وقبلها في باكو– تشير إلى تحوّل في أسلوب التعامل بين الطرفين، قد يُمهّد لتفاهمات أمنية بحدها الأدنى. لكن دمشق شددت خلال المحادثات على أن “وحدة وسلامة الأراضي السورية غير قابلة للتفاوض”.
ومع استمرار الحرب في غزة وتعقيدات الإقليم، يبقى الجنوب السوري ساحة مرشحة لانفجارات جديدة ما لم تنجح هذه القنوات الدبلوماسية في ترسيخ تهدئة مستدامة.