شهادة "حلال" في مصر: من الضوابط الشرعية إلى الأسواق العالمية.
جهة واحدة معتمدة رسمياً وخطط للتوسّع: كيف تضمن مصر توافق المنتجات مع الشريعة الإسلامية وتعزّز مكانتها في سوق عالمي يتخطى 5 تريليونات دولار؟

تُعد شهادة “حلال” وثيقة معترف بها دولياً تؤكد أن المنتجات، سواء غذائية أو دوائية أو تجميلية، خالية من أي مكونات محرّمة شرعاً، وتخضع لضوابط ومعايير مستمدة من الشريعة الإسلامية. ومع تزايد الطلب العالمي على المنتجات الحلال، أصبحت هذه الشهادة مفتاحاً أساسياً لدخول الأسواق الإسلامية والعالمية، كما يرى الدكتور محمد الحسيني، الخبير في التجارة الدولية.
الجهة الرسمية المعتمدة في مصر: شركة ISEG Halal
في الوقت الراهن، تتولى شركة ISEG Halal إصدار شهادات “حلال” داخل مصر، بتفويض من الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، وبالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات. وتُفرض هذه الشهادة على واردات اللحوم والألبان لضمان التوافق مع الشريعة الإسلامية، وتُعتمد دولياً لتسهيل التصدير إلى الأسواق الإسلامية.
تحوّلات حكومية: إلغاء شهادة “حلال” على بعض الواردات في مارس 2025.
أعلنت الحكومة المصرية إلغاء إلزامية شهادة “حلال” مع واردات الألبان. هذا القرار يأتي ضمن خطة لتبسيط الإجراءات الجمركية وخفض تكاليف الاستيراد، ويمثّل خطوة تتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية التي تدعو لإزالة العوائق الفنية أمام حركة السلع.
فتح السوق أمام جهات جديدة: تعزيز المنافسة وتقليل التكاليف
بحسب الدكتور محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، هناك توجّه حكومي نحو اعتماد جهات إضافية لإصدار شهادات “حلال”، مما يعزّز التنافسية ويمنح الشركات مرونة أكبر. وكانت شركات تصنيع واستيراد عديدة قد طالبت بإتاحة خيارات متعددة بدلاً من الاعتماد على جهة واحدة، لتسريع الإجراءات وتخفيض النفقات.
مقترحات بتوسيع المشاركة: دور للأوقاف وهيئات الفتوى
يرى عدد من الخبراء أن توسيع دائرة الجهات المشاركة في عملية إصدار الشهادات لتشمل وزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، وهيئات الفتوى الرسمية، وقد يسهم في رفع مصداقية الشهادة وتعزيز الثقة بها محلياً ودولياً. كما يُقترح التعاون مع شركات مصرية خاصة معتمدة لضمان استجابة أكثر مرونة لاحتياجات السوق.
سوق الأغذية الحلال: فرص اقتصادية ضخمة لمصر
وفقاً لتقارير حديثة من مؤسستي IMARC وResearch and Markets، بلغ حجم سوق الأغذية الحلال عالميًا 2.71 تريليون دولار في 2024، مع توقعات بأن يصل إلى 5.91 تريليون دولار بحلول 2033، بمعدل نمو سنوي يبلغ 8.92%. وتتصدر منطقة آسيا والمحيط الهادئ هذا النمو، فيما تنمو شعبية منتجات الحلال في أوروبا وأمريكا، وحتى بين غير المسلمين، نظراً لمعايير الجودة والشفافية.
في الختام
نحو مركز إقليمي لإصدار “الحلال” مع توجه الدولة نحو تنويع الجهات المانحة لشهادات “حلال”، وتحديث الإجراءات بما يتماشى مع المعايير الدولية، فإن مصر تمضي بخطى واثقة نحو تعزيز موقعها كمركز إقليمي لإصدار شهادات “حلال”. ويشكّل هذا التحوّل فرصة استراتيجية لفتح أسواق جديدة، وتعزيز الصادرات المصرية إلى أحد أسرع قطاعات التجارة نمواً عالمياً.