حوادث وقضايا

شركات الطيران في مأزق:صراعات الشرق الأوسط تغلق الأجواء وتزيد التكاليف

أزمة الطيران في الشرق الأوسط: ارتفاع التكاليف وإغلاق الأجواء

 

بينما لم تمر سوى 48 ساعة على الضربات الأمريكية الأخيرة ضد إيران، بدأت شركات الطيران حول العالم تتلمس تأثيرات الأزمة، حيث أجبرت الصواريخ والمخاوف الأمنية شركات الطيران على تغيير مسارات رحلاتها، والابتعاد عن مناطق النزاع، ما يعني وقتًا أطول في الجو، وتكاليف تشغيل أعلى، وربما مستقبلًا أكثر ضبابية لقطاع يعتمد على الاستقرار والانسيابية.

 

دوحة مغلقة وجداول مضطربة

كانت الخطوط الجوية البريطانية تستعد لاستئناف رحلاتها إلى كل من الدوحة ودبي بعد إلغاءات نهاية الأسبوع، غير أن قطر أعادت إغلاق مجالها الجوي مساء الإثنين إثر الهجوم الصاروخي الإيراني على قواعد أمريكية داخل أراضيها. هذا القرار يعكس أهمية المطارات الخليجية كمحاور حيوية في حركة الطيران الدولي، ويشير إلى مدى تأثر القطاع بأي توتر جيوسياسي في هذه المنطقة الحساسة.

 

صناعة تبحث عن “الطريق الآمن”

في ظل تنامي استخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ البعيدة المدى، باتت شركات الطيران مضطرة لتجنب أية مخاطر غير ضرورية. ورغم تأكيد القطاع أن السلامة أولوية قصوى، إلا أن حادث تحطم طائرة “إير إنديا” هذا الشهر، والذي يُعد من أسوأ الكوارث الجوية الحديثة، زاد من التوتر والقلق داخل أوساط النقل الجوي العالمية.

 

بين أوروبا وآسيا: خيارات محدودة ومنافسة غير متكافئة

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، لم تعد الطائرات تحلق فوق أوكرانيا، كما مُنعت معظم شركات الطيران الغربية من دخول الأجواء الروسية. هذا أغلق طرقًا جوية أساسية بين أوروبا وآسيا، وخلق واقعًا صعبًا أمام الشركات الغربية، خصوصًا في الرحلات الطويلة مثل لندن-طوكيو، والتي باتت غير مجدية تجاريًا بالمقارنة مع الخطوط الصينية التي لا تزال تسلك المسار الروسي.

 

اختناقات في أوروبا… والسيناريو ذاته يتكرر في الشرق الأوسط

إغلاق الأجواء الأوكرانية زاد من ازدحام المسارات الجوية الأوروبية، وولّد شكاوى من التأخيرات المتكررة بسبب الضغط على خدمات مراقبة الملاحة الجوية. واليوم، يبدو أن السيناريو ذاته يتكرر في منطقة الخليج، بحسب المحلل الجوي جون ستريكلاند، الذي أشار إلى أن القيود المتزايدة في هذه المنطقة “تشكل تحديًا حقيقيًا لشركات الطيران، سواء كانت متمركزة هناك أم لا”.

 

الشرق الأوسط: مناطق محظورة تتسع بسرعة

حاليًا، تمثل أجواء العراق وإيران مناطق محظورة للطيران، بينما تقتصر الحركة في إسرائيل على رحلات إنقاذ تشغلها “إلعال” لنقل رعاياها. أما وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA)، فقد نصحت منذ 13 يونيو بعدم التحليق فوق سوريا، الأردن، ولبنان، في حين تصنّف أجزاء من المجال الجوي المصري كمناطق خطرة، ما يقلّص المسارات الآمنة المتاحة بشكل مقلق.

 

المسارات البديلة: طويلة ومكلفة

عبر مواقع تتبع الطائرات مثل “فلايت رادار 24″، تظهر بوضوح المسارات الجديدة للطائرات، إذ تتجه بعضها شمالًا فوق جورجيا وأفغانستان، بينما تسلك أخرى طريقًا أطول عبر السعودية نحو الشرق. في ظل ذلك، تواصل شركات الطيران الخليجية تسيير معظم رحلاتها، باستثناء تلك المتجهة إلى طهران وبغداد، بينما ألغت “سنغافورة إيرلاينز” و”إير فرانس-كيه إل إم” رحلاتها في عطلة نهاية الأسبوع، وعلّقت “فين إير” رحلاتها إلى الدوحة حتى نهاية الشهر.

 

تكلفة التأخير… تتجاوز الأمن

في حين أن الدوافع الأمنية كانت وراء الإلغاءات الأولية، فإن التحدي الأكبر على المدى البعيد يكمن في ارتفاع التكاليف التشغيلية بسبب المسارات الأطول. فزيادة مدة الطيران تعني استهلاكًا أكبر للوقود، وأجورًا أعلى للطاقم الجوي، بالإضافة إلى احتمالات أكبر لتأجيل الرحلات بسبب قيود العمل، وكل ذلك يؤدي في النهاية إلى مزيد من الضغط المالي على الشركات.

 

الركاب يدفعون الثمن… والوقود يزيد العبء

أسعار أسهم شركات الطيران شهدت تراجعًا منذ بدء الضربات الإسرائيلية في 12 يونيو، ويزيد من الضغط عليها ارتفاع أسعار النفط، لا سيما وقود الطائرات الذي ارتفع بمعدلات تفوق النفط الخام نفسه. ورغم أن التغطية المالية المسبقة قد تخفف من آثار الارتفاع على التذاكر هذا الصيف، إلا أن شركات مثل “رايان إير” لمّحت بالفعل إلى رفع أسعارها، ما يعني أن الركاب سيتحملون في النهاية تكلفة اضطراب الأجواء العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى