الاقتصاد

الذهب يفقد بريقه.. صعود الدولار وتفاؤل التجارة يضغطان على الأونصة عالميًا

تراجعت أسعار الذهب في الأسواق العالمية، اليوم الاثنين، مع ارتفاع الدولار الأمريكي وتزايد مؤشرات التهدئة بين واشنطن وبكين، في وقت يترقب فيه المستثمرون قرارات حاسمة من البنوك المركزية خلال الأيام المقبلة. وسجّل المعدن النفيس تراجعًا في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى 4092.76 دولارًا للأوقية، فيما هبطت العقود الآجلة لتسليم ديسمبر بنسبة 0.7% إلى 4106.80 دولار. ويأتي هذا الانخفاض وسط انتعاش العملة الأمريكية لأعلى مستوياتها في أكثر من أسبوعين مقابل الين الياباني، مما جعل الذهب أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى. ويرى محللون أن موجة التفاؤل حيال التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي بين الولايات المتحدة والصين خففت من إقبال المستثمرين على المعدن كملاذ آمن، لتتجه الأنظار حاليًا نحو اجتماعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي وبقية البنوك المركزية الكبرى التي قد تحدد مسار الأسعار خلال الفترة المقبلة.

 

اتفاق تجاري مرتقب يهدئ الأسواق ويضغط على الذهب

 

قال مسؤولون أمريكيون إن كبار المفاوضين الاقتصاديين في واشنطن وبكين اتفقوا على إطار أولي لاتفاق تجاري مؤقت ينتظر قرار الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينج لاعتماده رسميًا في نهاية الأسبوع. ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا الاتفاق المحتمل قد يؤدي إلى تهدئة الحرب التجارية المستمرة منذ سنوات بين أكبر اقتصادين في العالم، ما يقلل من المخاوف الجيوسياسية التي عادةً ما تدعم أسعار الذهب. ومن المتوقع أن يتضمن الاتفاق تخفيف الرسوم الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية مقابل تقليص القيود الصينية على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهو ما يُنظر إليه كخطوة نحو استقرار اقتصادي عالمي قد يحد من جاذبية الذهب كملاذ آمن للمستثمرين.

 

تحركات الدولار ترفع الكفة لصالح العملة الأمريكية

 

ارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له في أكثر من أسبوعين مقابل الين، ما جعل الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة. ويُعزى هذا الصعود إلى التوقعات الإيجابية حول الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى حالة التفاؤل بشأن المفاوضات التجارية مع الصين. كما ساهمت بيانات اقتصادية قوية في دعم العملة الخضراء أمام سلة من العملات الرئيسية، مما زاد الضغوط على أسعار المعدن الأصفر. ويؤكد محللون أن العلاقة العكسية بين الدولار والذهب لا تزال العامل الأهم في تحديد الاتجاه قصير الأجل، حيث يؤدي كل ارتفاع للدولار إلى تراجع الطلب على الذهب كأصل بديل، خاصة في فترات الاستقرار النسبي للأسواق.

 

الأنظار تتجه نحو الفيدرالي الأمريكي وقرارات الفائدة

 

من المتوقع أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماعه يوم الأربعاء، في خطوة تهدف إلى دعم النمو وسط تباطؤ عالمي متزايد. ويترقب المستثمرون تصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول لتحديد ملامح السياسة النقدية للفترة المقبلة، خصوصًا بشأن فرص خفض جديد للفائدة في ديسمبر المقبل. وعادة ما يستفيد الذهب من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة باعتباره أصلًا لا يدر عائدًا، لكن ارتفاع الدولار والتفاؤل التجاري قلّصا تأثير هذا العامل مؤقتًا. ويرى مراقبون أن أي إشارة من باول لتباطؤ دورة الخفض قد تضغط على الذهب أكثر، بينما قد ينعكس المشهد إذا أظهر الفيدرالي استعدادًا لاستمرار سياسة التيسير النقدي.

 

تباين في أداء المعادن النفيسة الأخرى

 

وفي أسواق المعادن الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.3% لتصل إلى 48.44 دولارًا للأوقية، بينما ارتفع البلاتين بنسبة 0.5% إلى 1612.95 دولارًا، وسجّل البلاديوم زيادة طفيفة قدرها 0.2% مسجلًا 1431.94 دولارًا. ويشير محللون إلى أن هذا التباين يعكس حالة الترقب في الأسواق، إذ تختلف العوامل المؤثرة في كل معدن بحسب استخداماته الصناعية ومدى ارتباطه بالمضاربات الاستثمارية. ومع استمرار التذبذب في المؤشرات الاقتصادية العالمية، يظل الذهب في دائرة المراقبة كمؤشر رئيسي لقياس اتجاهات الثقة في الاقتصاد الدولي، بين ضغوط الدولار وتفاؤل الأسواق التجارية.

 

توقعات حذرة لسعر الذهب خلال الأسبوع

 

يرجّح محللو الأسواق أن يظل الذهب تحت ضغط خلال الأيام القليلة المقبلة، مع استمرار قوة الدولار وترقب المستثمرين لأي تطورات في ملف التجارة بين واشنطن وبكين. ومع أن احتمالات خفض الفائدة الأمريكية تمنح المعدن الأصفر بعض الدعم الفني، إلا أن شهية المخاطرة المتزايدة في الأسواق قد تحدّ من مكاسبه في المدى القصير. ويتوقع الخبراء أن يتراوح سعر الأونصة بين 4070 و4150 دولارًا حتى نهاية الأسبوع، مع إمكانية حدوث تقلبات مفاجئة في حال صدور تصريحات حادة من مسؤولي الفيدرالي أو تعثر المفاوضات التجارية. ويرى محللون أن أي تراجع في الثقة بالتعافي الاقتصادي العالمي سيعيد للذهب بريقه سريعًا كملاذ آمن، لكن استمرار موجة التفاؤل الحالية قد يدفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض المؤقت.

اقرأ أيضاً

تشديد الفيدرالي الأمريكي يدفع العوائد الحقيقية على السندات إلى مشارف المنطقة الإيجابية

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى