“الحر الصامت”: عندما يصبح المناخ قاتلاً دون أن نشعر
دراسة: أكثر من 1500 وفاة في أوروبا بسبب التغير المناخي.. ومدن كبرى تسجّل حصيلة تفوق الكوارث التقليدية

بينما ينشغل العالم بالكوارث الطبيعية الظاهرة، كشفت دراسة من فريق World Weather Attribution أن موجة الحر التي ضربت 12 مدينة أوروبية بين 18 و30 يونيو الماضي، تسببت في 2300 وفاة، ثلثاها بسبب الاحترار العالمي.
واعتمد الباحثون على نماذج وبائية وتقنية مقارنة تُظهر كيف أن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري، ضاعف من شدة الموجة الحرارية، محولاً طقساً صيفياً عادياً إلى كارثة خفية.
ميلانو في الصدارة.. ومدن أخرى تلحق
في إيطاليا، سجّلت ميلانو أكبر عدد من الوفيات (499)، نُسب 317 منها مباشرة للتغير المناخي. باريس وبرشلونة تبعتاها من حيث التأثر، بينما سجلت لندن 273 وفاة، 171 منها ناتجة عن العوامل المناخية البشرية.
كبار السن: ضحايا بصمت
تُظهر الدراسة أن 88% من الوفيات كانوا ممن تجاوزوا سن 65 عاماً. هؤلاء ماتوا غالباً داخل منازلهم أو دور الرعاية، دون ضوضاء أو استجابة طارئة، في ظاهرة وصفها الباحثون بأنها “القاتل الصامت” الذي لا يحظى بالتغطية التي توازي خطره الحقيقي.
حرارة تقتل… بلا دمار
الحرارة لا تترك وراءها مباني مهدمة أو صوراً درامية، لكنها ترفع ضغط الدم وتجهد القلب وتُسهم في الوفاة ببطء. الباحثون يشددون على أن هذه الظواهر أكثر فتكاً من الفيضانات أو العواصف، لكنها تمر مرور الكرام في الإعلام والسياسات.
النموذج البديل: عالم بدون وقود أحفوري
قارنت الدراسة بين الواقع الحالي وبين عالم افتراضي لا يشهد احتراراً من صنع البشر. النتيجة: في بعض المدن، كانت درجات الحرارة سترتفع بـ4 درجات مئوية أقل، ما كان ليُنقذ 1500 إنسان من الموت المبكر.
أرقام صادمة تتجاوز كوارث سابقة
للمقارنة، قتلت فيضانات إسبانيا في 2024 نحو 224 شخصاً، وفيضانات شمال غرب أوروبا عام 2021 حوالي 243. أما موجة الحر الأخيرة، ففي 10 أيام فقط، تسببت في وفيات أكثر منها بمرّتين تقريباً.
المتوسط يغلي.. والليالي لا تبرد
بحسب بيانات كوبرنيكوس، كان يونيو ثالث أكثر الشهور حرارة عالمياً، وسجّل البحر المتوسط درجات حرارة سطح بحر غير مسبوقة (27 مئوية). وبلغت “الليالي الاستوائية” رقماً قياسياً، مع تسجيل 24 ليلة فوق 20 مئوية في إسبانيا وحدها، ما يزيد من الإجهاد الحراري الليلي ويمنع الجسم من التعافي.
كارثة بيئية في البحر المتوسط
تحليلات من “ميركاتور أوشن” كشفت أن ثلثي البحر المتوسط تعرّض لموجات حر بحرية “قوية إلى شديدة”، وهو أكبر امتداد مسجّل. وتسببت هذه الموجات في نفوق جماعي للكائنات البحرية وتهديد خطير للنظم البيئية.
تحذير أخير: أزمة صامتة تتحول إلى روتين قاتل
تحذر الدراسة من أن موجات الحر ستتحول إلى موسم سنوي مميت ما لم يُعترف بها رسمياً كأزمة صحية ومناخية. المطلوب: استجابة طبية فورية، وإجراءات بيئية صارمة، لا سيما لحماية الفئات الهشة.
أقرأ أيضاً:
ترامب أمام اختبار جديد: البرهان بوابة إيران إلى إفريقيا.