علوم اجتماعية وانسانية

انتصار للنساء الشجاعات والصحافة الاستقصائية

 

بعد معركة قضائية استمرت لسنوات، قضت المحكمة العليا في لندن لصالح صحيفة الغارديان في قضية التشهير التي رفعها الممثل والمخرج البريطاني نويل كلارك، عقب نشر سلسلة تحقيقات صحفية كشفت اتهامات خطيرة ضده بالتحرش الجنسي وسوء السلوك. الحكم، الذي أصدرته القاضية ستين، اعتبر أن ما نُشر كان صحيحًا ويصب في المصلحة العامة، مما يُعد نصرًا كبيرًا للنساء اللواتي قررن كسر حاجز الصمت، وكذلك للصحافة المستقلة في بريطانيا.

بداية التحقيق

القصة انطلقت في ربيع 2021 عندما بدأ الصحفيتان سيرين كالي ولوسي أوزبورن في تتبع شكاوى ضد كلارك. خلال فترة قصيرة، تمكّنتا من التواصل مع أكثر من 20 امرأة روين تجاربهن مع الممثل، حيث شملت الاتهامات التحرش الجنسي، اللمس غير المرغوب فيه، التصرفات غير اللائقة، مشاركة صور ومقاطع حميمة دون موافقة، إلى جانب الترهيب والتنمر

أدلة موسعة وشهادات حية

مع توالي التحقيقات، توسّع عدد الشهادات لتصل في النهاية إلى أكثر من 100 مصدر، بينها 22 رواية مباشرة وموثقة. وعند بدء المحاكمة، استمعت المحكمة لشهادات 26 شخصًا، بعضهم حضر من خارج بريطانيا لتقديم إفادته. الشاهدات أظهرن شجاعة لافتة، رغم محاولات التخويف والترهيب التي تعرضن لها قبل وأثناء المحاكم

شهادة مؤثرة في المحكمة

من بين الشاهدات كانت جينا باول، الموظفة السابقة لدى كلارك، التي اتهمته بالاعتداء الجنسي وأكدت أن حديثها يهدف لحماية نساء أخريات في صناعة السينما. القاضية وصفت شهادتها بالشجاعة والنزيهة، وأشادت بقدرتها على مواجهة الخوف بصلابة.

دعم كامل من الصحيفة

هيئة التحرير في الغارديان وقفت إلى جانب النساء منذ البداية، معتبرة أن هذه القضية لا تخص المؤسسة وحدها بل تمثل معركة من أجل حق الجمهور في معرفة الحقيقة. ورغم محاولات كلارك رفع قيمة التعويضات المطلوبة إلى 70 مليون جنيه إسترليني للضغط على الصحيفة، فإنها صمدت بدعم من Scott Trust، الذي يضمن استقلالية الجريدة.

أهمية الحكم

الحكم الأخير لا يمثل فقط إدانة لسلوكيات كلارك، بل يشكّل سابقة مهمة تؤكد أن الصحافة الاستقصائية قادرة على مواجهة ضغوط الشهرة والمال. كما يعزز ثقة النساء في قدرتهم على التحدث علنًا عن الانتهاكات، حتى عندما يكون المتهم شخصية نافذة.

الصحافة في مواجهة المخاطر

القضية أبرزت التحديات الجسيمة أمام الصحفيين في تغطية قضايا حساسة مثل الاعتداءات الجنسية، بدءًا من تهديدات الدعاوى القضائية، وصولًا إلى الضغوط النفسية التي يواجهها الضحايا والشهود. ستة من صحفيي الغارديان خضعوا للاستجواب المكثف في المحكمة، لكنهم حافظوا على التزامهم بالدفاع عن الحقيقة.

انتصار متعدد الأبعاد

القرار القضائي يُعد نصرًا للنساء اللواتي تحلين بالشجاعة للحديث، ونصرًا للصحافة الاستقصائية التي واصلت العمل رغم المخاطر، ونصرًا للمجتمع البريطاني الذي يثبت أن العدالة قادرة على حماية المصلحة العامة حتى في مواجهة الأسماء البارزة في عالم الفن.

اقرا أيضا

سعر الذهب اليوم في مصر: استقرار ملحوظ في الأسعار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى