عربي وعالمي

وحدة إسرائيلية خاصة لتشويه سمعة صحفيي غزة وربطهم بحماس – تقرير كشف مجلة +972 عن “خلية الشرعنة” في الجيش الإسرائيلي

ذكرت مجلة +972 الإسرائيلية-الفلسطينية، في تقرير استقصائي نشر الجمعة 15 أغسطس 2025، أن الجيش الإسرائيلي أنشأ وحدة خاصة تُعرف باسم “خلية الشرعنة” بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

مهمة هذه الوحدة، بحسب ثلاثة مصادر استخباراتية تحدثوا للمجلة، هي جمع معلومات تُستخدم لتصوير بعض الصحفيين العاملين في غزة على أنهم مقاتلون سريون في صفوف حركة حماس، بهدف تبرير استهدافهم عسكريًا وتقليل حدة الغضب الدولي الناتج عن مقتل العاملين في المجال الإعلامي.

أهداف دعائية لا أمنية

وبحسب المصادر، فإن الغرض الأساسي من هذه الوحدة لم يكن أمنيًا بحتًا، بل دعائيًا وإعلاميًا يهدف إلى تحسين صورة إسرائيل أمام الرأي العام الدولي والحفاظ على دعم الحلفاء الرئيسيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

عندما يشتد النقد الإعلامي العالمي لإسرائيل بشأن قضية معينة، كانت “خلية الشرعنة” تتلقى تعليمات بالبحث عن أدلة يمكن رفع السرية عنها واستخدامها في مواجهة الرواية السائدة.

حالات تحريف وتلفيق

أفاد التقرير بأن الوحدة، في حالة واحدة على الأقل، حرّفت معلومات لتصوير أحد الصحفيين على أنه مسلح في حماس، وهو تصنيف يُعد حكمًا بالإعدام في قطاع غزة. لكن هذا التصنيف أُلغي قبل تنفيذ أي عملية ضده، بعد أن تبيّن لاحقًا أنه صحفي بالفعل.

أحد المصادر قال: “كانوا متحمسين لتصنيفه كهدف إرهابي، لتبرير مهاجمته. قالوا إنه صحفي في النهار وقائد فصيل في الليل. لكن سلسلة من الأخطاء والاختصارات في العمل قادتهم في النهاية لاكتشاف أنه صحفي فعليًا، فتمت إزالته من قائمة الاستهداف”.

اغتيال أنس الشريف وزملائه

تأتي هذه المعلومات في أعقاب مقتل الصحفي أنس الشريف، مراسل قناة الجزيرة، وثلاثة من زملائه داخل مكتبهم المؤقت في غزة، بعد أن أعلنت إسرائيل أن الشريف قائد في حماس.

الادعاءات الإسرائيلية بشأن صلات الشريف بحماس استندت إلى ملف وصِف بأنه ضعيف وغير موثق، ولم يوضح كيف كان يمكنه الجمع بين قيادة عسكرية وأداء عمله الإعلامي المنتظم في واحدة من أكثر المناطق الخاضعة للرقابة الأمنية والاستخباراتية في العالم. كما لم تقدم إسرائيل أي مبرر لقتل زملائه الثلاثة.

قيود صارمة على الصحافة الأجنبية

منذ اندلاع الحرب، تمنع إسرائيل دخول الصحفيين الأجانب إلى قطاع غزة إلا عبر جولات قصيرة وتحت إشراف الجيش، الذي يفرض قيودًا شديدة، منها منع التحدث مباشرة إلى السكان الفلسطينيين.

وبذلك، يتحمل الصحفيون الفلسطينيون العبء الأكبر في تغطية الأحداث، مما يجعلهم من بين الأكثر عرضة للخطر في العالم.

أرقام صادمة لضحايا الصحفيين

وفقًا للجنة حماية الصحفيين (CPJ)، قُتل أكثر من 180 صحفيًا فلسطينيًا في غزة خلال أقل من عامين جراء الهجمات الإسرائيلية، من بينهم 26 حالة استهداف متعمد وُصفت بأنها عمليات اغتيال.

اللجنة تؤكد أن هذه الأرقام تمثل أعلى معدلات قتل الصحفيين عالميًا خلال هذه الفترة.

تصنيع القبول بالقتل

قبل اغتياله، كان أنس الشريف، إلى جانب منظمات حرية الصحافة، قد حذّر منذ عام 2024 من أن الاتهامات الإسرائيلية بوجود صلات بين الصحفيين وحماس تهدف إلى “صناعة قبول” دولي ومحلي لقتلهم.

هذه الاتهامات عادت وتكررت بوتيرة أعلى بعد أن انتشرت تقاريره المصورة عن المجاعة في غزة على نطاق واسع عالميًا.

توجيه حكومي للخلية

المصادر الاستخباراتية أوضحت أن الحكومة الإسرائيلية كثيرًا ما كانت تحدد للجيش القضايا التي يجب أن تركز عليها “خلية الشرعنة”. وكانت الأولوية دائمًا لتأمين الغطاء الدولي لاستمرار العمليات العسكرية، وليس لدرء خطر مباشر على الأمن القومي.

إحدى العبارات التي وردت في التقرير نقلاً عن مصدر استخباراتي تلخص المنهج:

“إذا كان الإعلام العالمي يتحدث عن إسرائيل التي تقتل صحفيين أبرياء، فهناك اندفاع فوري للعثور على صحفي واحد قد لا يكون بريئًا، وكأن ذلك يجعل قتل العشرين الآخرين مقبولًا”.

البحث عن ذرائع أخرى

كما سعت الوحدة إلى جمع معلومات عن استخدام حماس للمستشفيات والمدارس لأغراض عسكرية، إضافة إلى تسليط الضوء على هجمات فاشلة شنها مسلحون فلسطينيون وتسببت بإصابة مدنيين.

لكن بعض أعضاء الوحدة أعربوا عن قلقهم من أن نشر معلومات استخباراتية مصنفة لغرض الدعاية، وليس لتحقيق أهداف أمنية أو عسكرية مباشرة، قد يضر بسلامة العمل الاستخباراتي.

الحفاظ على استمرار الدعم الدولي

أحد المصادر أشار إلى أن الفكرة الأساسية كانت تمكين الجيش من مواصلة عملياته دون ضغط دولي، وخاصة من الولايات المتحدة، التي يمكن أن توقف إمدادات السلاح إذا تزايدت الانتقادات.

المصدر قال: “أي شيء يمكن أن يعزز شرعية إسرائيل الدولية لمواصلة القتال كان مطلوبًا من هذه الوحدة”.

استمرار العمليات العسكرية في غزة

بالتزامن مع هذه التسريبات، أفادت مصادر طبية لقناة الجزيرة أن 16 فلسطينيًا على الأقل قُتلوا يوم الجمعة في هجمات إسرائيلية على غزة، بينهم خمسة أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.

كما أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء لسكان أجزاء من حي الزيتون شمال مدينة غزة، ضمن استعدادات لتصعيد العمليات البرية في القطاع، وهي عمليات تواجه انتقادات واسعة محليًا ودوليًا.

اقرأ أيضاً:

عبد العاطي يشيد بالعلاقات التاريخية بين مصر واليونان

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى