عرب وعالم

تحالف أمني إستراتيجي: السعودية وباكستان ترسمان ملامح شراكة دفاعية جديدة

في خطوة تعكس متانة العلاقات بين البلدين، وقعت المملكة العربية السعودية وباكستان، يوم الأربعاء، اتفاقًا رسميًا للدفاع المشترك، ما يشكّل محطة جديدة في مسار شراكة أمنية ممتدة منذ عقود. الاتفاق يأتي في ظرف إقليمي معقّد تتزايد فيه المخاوف الخليجية بشأن مستقبل الضمانات الأمنية الأمريكية، خصوصًا في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات وصراعات. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثل تعزيزًا لمحور إسلامي فاعل قادر على مواجهة التحديات الأمنية، خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير في المنطقة، والذي عمّق قلق العواصم الخليجية من تراجع المظلة الغربية.

 

أهداف الاتفاقية وأبعادها

 

أكد مسؤول سعودي رفيع أن الاتفاقية ليست ردًا مباشرًا على دول أو أحداث بعينها، بل تتويج لسنوات طويلة من المناقشات بين الرياض وإسلام آباد. وأوضح أن الاتفاق يشمل التعاون في مختلف المجالات العسكرية، بما فيها الدفاع التقليدي والوسائل المتقدمة، مما يضع إطارًا شاملاً لتعزيز القدرات الدفاعية المشتركة. ورغم التساؤلات حول التزامات باكستان النووية، شدّد المسؤول على أن الاتفاقية تغطي جميع الوسائل العسكرية دون الإشارة إلى تفاصيل حساسة، في إشارة إلى شموليتها ومرونتها في التعامل مع التهديدات المحتملة.

 

رمزية الحضور ورسائل سياسية

 

شهد حفل التوقيع لقطات لافتة، حيث أظهر التلفزيون الرسمي الباكستاني رئيس الوزراء شهباز شريف وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهما يتعانقان بحرارة، في مشهد عكس عمق الروابط السياسية والشخصية. كما حضر قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، الذي يُعتبر الشخصية الأكثر نفوذًا في البلاد، ما منح الاتفاقية ثقلًا عسكريًا ورسالة واضحة حول جدية الالتزام. ويرى محللون أن هذا المشهد لم يكن مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل رسالة موجهة إلى الخصوم والحلفاء على السواء بشأن وحدة الموقف السعودي الباكستاني.

 

تعزيز الردع وتوسيع التعاون

 

جاء في بيان رسمي صادر عن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني أن الاتفاقية تعكس التزامًا مشتركًا بتعزيز الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. وتنص بنودها على اعتبار أي اعتداء على أي من الطرفين اعتداءً على الآخر، بما يعزز الردع المشترك ضد التهديدات الخارجية. كما تهدف الاتفاقية إلى تطوير مجالات التعاون الدفاعي، وتبادل الخبرات، وتوسيع نطاق الصناعات العسكرية المشتركة. ومن المتوقع أن تفتح هذه الشراكة آفاقًا جديدة للتنسيق الاستراتيجي، بما يرسخ مكانة البلدين كقوتين محوريتين في العالم الإسلامي.

 

أفق جديد في العلاقات الثنائية

 

يمثل هذا الاتفاق نقلة نوعية في العلاقات السعودية الباكستانية، إذ يفتح المجال لبناء منظومة دفاعية أكثر صلابة، ويعكس توافقًا استراتيجيًا عميقًا يتجاوز الاعتبارات الظرفية. كما يعكس رغبة مشتركة في بناء نظام أمني إقليمي أقل اعتمادًا على القوى الخارجية وأكثر استنادًا إلى تحالفات داخلية متينة. ومع التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وجنوب آسيا، تبدو هذه الشراكة مرشحة لتعزيز الاستقرار وردع محاولات زعزعة التوازن الإقليمي، بما يمنح البلدين قدرة أكبر على صياغة مستقبل أكثر أمنًا.

اقرأ أيضاً

أوروبا تضغط على إسرائيل: عقوبات جمركية وتعليق دعم بسبب غزة

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى