حملة انتقام ترامب تثير مخاوف من حلقة مفرغة من التصفيات السياسية

أثار إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ملاحقة خصومه السياسيين باستخدام أدوات الدولة مخاوف واسعة من تدشين مرحلة جديدة في السياسة الأمريكية، تتحول فيها كل إدارة جديدة إلى أداة لمعاقبة سابقتها، في مشهد أقرب إلى الأنظمة السلطوية منه إلى الديمقراطيات الغربية الراسخة.
سابقة خطيرة
طالب ترامب بمقاضاة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي بتهمة الكذب على الكونغرس، ما بث الرعب في نفوس آخرين مدرجين على ما يُعرف بـ”قائمة الأعداء” التي يديرها المدير الحالي للمكتب كاش باتيل. لكن المفارقة أن باتيل نفسه قد يجد نفسه ملاحقًا إذا تبادلت السلطة الأيدي، إذ يتهمه الديمقراطيون بالكذب على الكونغرس خلال جلسات تثبيته عندما نفى نيته ممارسة الانتقام السياسي.
بهذه الخطوة، كسر ترامب أعرافًا استقرت لعقود، ورسّخ ممارسات جديدة تجعل من سلطة الرئيس أداة مباشرة للتصفية. وهو ما يثير القلق لدى بعض المحافظين أنفسهم، الذين يرون أن ما يُمارس اليوم ضد الديمقراطيين سيُستخدم غدًا ضد الجمهوريين.
تحذيرات من الداخل
سارة ماثيوز، نائبة سابقة للسكرتير الصحفي في البيت الأبيض والتي استقالت عقب هجوم 6 يناير 2021، وصفت ما يقوم به ترامب بأنه “قصير النظر وخطير”. وقالت: “إذا فاز ديمقراطي في 2028، ما الذي سيمنعه من استخدام وزارة العدل ضد مسؤولي ترامب أو FCC ضد فوكس نيوز؟”.
السيناتور تيد كروز (جمهوري – تكساس) انتقد تهديد هيئة الاتصالات الفيدرالية لقناة ABC بسبب تعليقات للمذيع جيمي كيميل حول مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك، واعتبرها “أساليب مافيا” ستفتح الباب للديمقراطيين لممارسة نفس النهج مستقبلاً.
تاكر كارلسون، الإعلامي المحافظ، حذر من أن توسيع تعريف “خطاب الكراهية” قد يتحول إلى وسيلة للحد من حرية التعبير: “إذا استطاعوا أن يخبرك بما تقوله، فهم يخبرونك بما تفكر فيه”.
دوامة السلطة التنفيذية
تتجاوز المخاوف مسألة الانتقام المباشر لتشمل اتساع صلاحيات الرئاسة نفسها. فترامب يسعى لإثبات قدرته على:
تعطيل قرارات الكونغرس بشأن الإنفاق.
عزل قادة الوكالات المستقلة.
تقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.
إعادة هيكلة وزارات ووكالات حكومية وفق رؤيته.
استخدام القوات الفيدرالية في الداخل.
بريندان نايهان، أستاذ بجامعة دارتموث، حذر من أن الجمهوريين أنفسهم قد يندمون على هذه السابقة:
“هل يريد الجمهوريون منح الرئيسة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز مستقبلًا سلطة أحادية لتقرير أي برامج دفاعية ستمول؟”
المستقبل المجهول
يبقى السؤال: هل ستسير الإدارات الديمقراطية لاحقًا على خطى ترامب وتستغل هذه السلطات، أم أنها ستتجنب ذلك لتأكيد العودة إلى “رئاسة طبيعية” أكثر التزامًا بالقيود الدستورية؟
السيناريو الأول يفتح الباب أمام حلقة مفرغة من الانتقام السياسي، بينما الثاني قد يمثل محاولة لترميم ما تهدّم من معايير الحكم في الولايات المتحدة.