بوتين: روسيا لن تتردد في خوض التجارب النووية إذا استدعى الأمر

في خطاب مطوّل ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته في منتدى “فالداي” الدولي، بعث الكرملين برسائل قوية إلى الغرب، مؤكدًا استعداد موسكو للرد بالمثل إذا أقدمت بعض الدول على إجراء تجارب نووية جديدة. وأوضح بوتين أن روسيا تتابع عن كثب التحركات الدولية في هذا الملف الحساس، مشددًا على أن القوات النووية الروسية تُعد الأكثر حداثة مقارنة بأي قوة أخرى في العالم. ويأتي هذا التصريح في ظل توترات دولية متصاعدة، حيث تزداد المخاوف من عودة سباق التسلح النووي إلى الواجهة. كما استغل بوتين المنصة لتوضيح مواقف بلاده من قضايا كبرى، مثل الأزمة الأوكرانية والحرب في غزة، ما جعل كلمته التي استمرت قرابة أربع ساعات حدثًا بارزًا على الساحة السياسية.
استعداد متبادل في سباق التسلح النووي
أعلن بوتين أن روسيا تملك القدرة على مجاراة أي دولة تسعى إلى إجراء تجارب نووية، مشيرًا إلى أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات تقويض التوازن الاستراتيجي. وأكد أن بلاده ترى بوضوح استعداد بعض القوى الكبرى للعودة إلى مرحلة التجارب، وهو ما سيجعلها مضطرة إلى الرد بالمثل. ويُنظر إلى هذه التصريحات باعتبارها جزءًا من سياسة الردع التي ينتهجها الكرملين منذ سنوات، خاصة في ظل الحرب الأوكرانية وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
مقارنة الترسانات النووية بين القوى الكبرى
لفت بوتين إلى أن عدد الرؤوس النووية على الغواصات الروسية والأمريكية متقارب، لكنه شدّد في الوقت ذاته على أهمية عدم تجاهل الترسانات النووية لكل من بريطانيا وفرنسا. وانتقد بشكل خاص خطة باريس لإنشاء مظلة نووية أوروبية، معتبرًا أنها خطوة استفزازية تهدد بزيادة المخاطر الأمنية في القارة العجوز. ويرى مراقبون أن هذا الطرح يعكس مخاوف موسكو من أي تحالفات نووية جديدة، قد تُضعف من ميزان الردع القائم وتدفع نحو تصعيد غير محسوب بين الشرق والغرب.
المنتدى منصة لتوضيح السياسة الروسية
جاءت كلمة بوتين ضمن الجلسة العامة للاجتماع السنوي الثاني والعشرين لمنتدى “فالداي“، حيث تناول خلالها مختلف الملفات الساخنة، من بينها الأزمة الأوكرانية والتطورات في غزة. واستمرت الكلمة قرابة أربع ساعات، في مشهد يعكس حرص القيادة الروسية على توظيف هذا المنتدى كمنصة استراتيجية لعرض توجهاتها أمام العالم. ويُنظر إلى مشاركة بوتين السنوية فيه كأداة لتوضيح ملامح السياسة الخارجية الروسية، وإرسال رسائل مباشرة للغرب بشأن استعداد موسكو للدفاع عن مصالحها، سواء عبر الحوار أو عبر تعزيز قدراتها العسكرية.
روسيا بين الردع والرسائل السياسية
مع تصاعد التوترات الدولية وتزايد المخاوف من عودة سباق التسلح النووي، تبدو رسالة بوتين واضحة: روسيا لن تتهاون في الدفاع عن مكانتها، ولن تسمح لأي طرف بتقويض ميزان الردع القائم. وبينما يطرح الكرملين نفسه كقوة رادعة تحافظ على استقرار استراتيجي هش، يبقى الغموض مسيطرًا حول ما إذا كانت هذه التهديدات ستتحول إلى خطوات عملية. وفي الوقت الذي تستمر فيه موسكو في استغلال منتدى “فالداي” لإيصال خطابها السياسي، يظل العالم في حالة ترقب دائم، بين الخشية من التصعيد والرغبة في بقاء التهديد ضمن حدود الخطاب السياسي.