الاتحاد الأوروبي يتهم «ميتا» و«تيك توك» بانتهاك قوانين تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي
في تصعيد جديد للعلاقة المتوترة بين بروكسل وعمالقة التكنولوجيا، أعلنت المفوضية الأوروبية، اليوم الجمعة، اتهامها شركتي «ميتا» و«تيك توك» بانتهاك قانون الخدمات الرقمية الأوروبي “DSA”، الذي يمثل أحد أهم التشريعات الحديثة لضبط عمل المنصات الإلكترونية الكبرى. يأتي هذا التحرك ضمن حملة أوسع يقودها الاتحاد الأوروبي للحد من هيمنة شركات التكنولوجيا الأمريكية والآسيوية على الفضاء الرقمي الأوروبي، خاصة في ما يتعلق بجمع البيانات، والشفافية، وحماية المستخدمين. وتؤكد بروكسل أن هذه الشركات لم تلتزم بتوفير المعلومات المطلوبة للباحثين، ولم تُحسن آليات الإبلاغ عن المحتوى غير القانوني، ما يهدد مبدأ المساءلة الرقمية الذي يُعدّ أساس التشريع الأوروبي الجديد.
إخفاقات ميتا وتيك توك تحت المجهر
وفق بيان المفوضية الأوروبية، فإن شركتي «ميتا» و«تيك توك» فشلتا في تلبية مجموعة من الالتزامات المفروضة عليهما بموجب قانون الخدمات الرقمية. فـ«ميتا»، التي تدير منصتي «فيسبوك» و«إنستجرام»، تواجه اتهامات بثلاث مخالفات أساسية: أولها عدم تفعيل نظام فعّال يسمح للمستخدمين بالإبلاغ عن المحتوى غير القانوني، وثانيها قصور في آلية مراجعة قرارات الحظر والمراقبة، وثالثها غياب الشفافية في كيفية إدارة المحتوى والمعلومات. أما «تيك توك»، فاتهمتها بروكسل بالتقصير في تقديم البيانات الكاملة التي يطلبها الباحثون لتقييم أثر المنصة على الأطفال والمراهقين، وهي نقطة حساسة للغاية بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يولي أهمية قصوى لحماية الفئات العمرية الصغيرة من التأثيرات الرقمية السلبية.
عقوبات محتملة وتداعيات قانونية
القانون الأوروبي يمنح المفوضية سلطات واسعة لمحاسبة الشركات المخالفة، بما في ذلك فرض غرامات ضخمة قد تصل إلى 6% من إجمالي الإيرادات السنوية العالمية لأي شركة تُثبت مخالفتها. وبحسب ما نشرته مجلة «بوليتكو» الأوروبية، فقد تم منح «ميتا» و«تيك توك» فترة زمنية محددة للرد على الاتهامات وتقديم ما يثبت التزامهما بالقانون. ويُتوقع أن تتابع المفوضية الردود بدقة، خصوصًا أن بروكسل تسعى لتقديم نفسها كقوة تشريعية عالمية في مواجهة ما تصفه بـ«الفوضى الرقمية». وفي حال ثبوت الانتهاكات، فإن القضية قد تُشكل سابقة جديدة تفتح الباب أمام إجراءات أكثر صرامة ضد شركات تكنولوجية أخرى، مما يضع مستقبل نموذج الأعمال القائم على البيانات في أوروبا على المحك.
أوروبا بين الحماية والتنظيم
يرى خبراء السياسات الرقمية أن الاتحاد الأوروبي يسعى من خلال قانون الخدمات الرقمية إلى إعادة تعريف العلاقة بين المستخدمين والمنصات الكبرى عبر فرض قواعد واضحة للمساءلة والشفافية. هذا التوجه لا يستهدف فقط الحد من الانتهاكات الحالية، بل يهدف إلى تأسيس بيئة رقمية تُحترم فيها الخصوصية وتُحمى فيها الفئات الضعيفة من التلاعب بالمحتوى. ومع ذلك، تواجه بروكسل تحديات عملية في تطبيق القانون، نظرًا لتعقيد شبكات عمل هذه الشركات عبر دول متعددة وأنظمة قانونية متباينة. إلا أن الخطوة الأخيرة ضد «ميتا» و«تيك توك» تؤكد أن الاتحاد الأوروبي عازم على فرض معاييره ولو كلّف الأمر مواجهة مفتوحة مع عمالقة التكنولوجيا العالميين.



