الوكالات

تراجع في شعبية دونالد ترامب: الأرقام لا تكذب

إنه يحطم رقمه القياسي في إزعاج الناخبين الأمريكيين بسرعة

بعد ثلاثة أشهر فقط من تنصيبه لولاية ثانية، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجعًا حادًا في شعبيته، رغم فوزه للمرة الأولى بأغلبية في التصويت الشعبي خلال انتخابات نوفمبر الماضي. وقد وصف ترامب هذا الفوز بأنه “تفويض هائل”، غير أن الفارق لم يتجاوز 1.5 نقطة مئوية، ما يجعله الأضعف منذ عام 2000، بحسب The Economist. وتأتي هذه التراجعات في وقت مبكر من ولايته، وسط قرارات اقتصادية مثيرة للجدل شملت تخفيضات في برامج الدعم وفرض رسوم جمركية واسعة. الأرقام تشير إلى بداية سياسية صاخبة سرعان ما قابلها انكماش في التأييد الشعبي، حتى بين بعض من دعموه

بداية صاخبة… وتراجع حاد

بعد إعادة انتخابه، تعامل ترامب مع النصر باعتباره تفويضًا صريحًا لتنفيذ أجندته الراديكالية بوتيرة سريعة. إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذا النهج قد يكون له ثمن سياسي باهظ. فقد تراجعت نسبة تأييده بواقع 14 نقطة منذ تنصيبه، مقارنةً بانخفاض قدره خمس نقاط فقط في الفترة نفسها من ولايته الأولى، بحسب بيانات YouGov/The Economist.

وقد أظهرت البيانات أن 19% من ناخبي ترامب في 2024 يعارضون إدارته لقضية التضخم، و12% غير راضين عن سياساته الاقتصادية بشكل عام. الأهم من ذلك، أن مؤشرات ثقة المستهلكين الجمهوريين، حسب مسح جامعة ميشيغان، سجلت أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2020.

الرسم البياني: الاقتصادي

قرارات اقتصادية تثير الجدل

منذ وصوله إلى البيت الأبيض، اتخذ ترامب سلسلة قرارات حادة، شملت تقليص أعداد الموظفين الفيدراليين وتخفيض برامج الدعم الزراعي، مما أثّر بشكل مباشر على بعض قواعده الانتخابية. ولم تمضِ فترة طويلة حتى دخلت البلاد في دوامة من التصعيد الجمركي، مع فرض رسوم جديدة شملت معظم الشركاء التجاريين، تلاها تراجع جزئي واستثناءات غامضة، أبرزها للإلكترونيات الصينية.

وفي ظل هذه الفوضى، تراجعت مؤشرات السوق، إذ انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 19% عن ذروته في فبراير، قبل أن يتعافى جزئيًا. ومع هذا، تآكلت ثقة جزء من أنصاره الذين راهنوا على وعوده بإنعاش الاقتصاد.

ترامب لا يخشى الانخفاض… لكن الجمهوريين قد يفعلون

الرئيس الأمريكي لم يبدِ قلقًا تجاه التراجع في استطلاعات الرأي، مؤكدًا أن سياساته الاقتصادية، رغم الألم قصير الأمد، ستؤتي ثمارها لاحقًا بإحياء الوظائف الصناعية. ولكن، ورغم أن ترامب نفسه لن يخوض انتخابات مرة أخرى، إلا أن زملاءه الجمهوريين في الكونغرس قد يدفعون الثمن السياسي، خصوصًا إذا أدت سياساته إلى تفاقم التضخم أو ركود اقتصادي قبل انتخابات التجديد النصفي عام 2026.

تحول المزاج الانتخابي في الولايات المتأرجحة

تشير تحليلات The Economist إلى أن الشعبية المتراجعة لترامب تنعكس بوضوح في الولايات التي حسمت النتيجة لصالحه في 2024، مثل أريزونا، نيفادا، جورجيا، بنسلفانيا، ميشيغان، وويسكونسن، حيث سجلت معدلات موافقة صافية سلبية. كما أن ناخبيه الجدد — الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر تنوعًا، وأقل محافظة، وأصغر سنًا من قاعدته التقليدية — قد ينقلبون ضده إن لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية.

في أوساط الناخبين من أصل إسباني، تبلغ نسبة صافي عدم الرضا عن أدائه -37 نقطة مئوية، ولدى من هم دون سن الثلاثين -25 نقطة، وفقًا لمسح YouGov الأخير. أما في ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي، فقد انخفضت معدلات تأييده الصافية إلى -11 و-14 نقطة على التوالي.

اختبار منتصف الولاية يلوح في الأفق

المحطة الكبرى التالية هي انتخابات 2026، التي ستحسم السيطرة على الكونغرس ومصير أجندة ترامب التشريعية. في 2018، خسر الجمهوريون 42 مقعدًا في مجلس النواب حين كانت معدلات رضا ترامب أعلى مما هي عليه الآن. وبالنظر إلى الهوامش الضيقة حاليًا، فإن أي تراجع إضافي قد يكون حاسمًا.

ورغم الاستقطاب الحزبي العميق في المشهد الأمريكي، فإن الناخبين ما زالوا يملكون القدرة على محاسبة من يبالغ في وعوده أو يخطئ في تقدير أثر سياساته، وهو ما قد يشكل مؤشرًا إيجابيًا على حيوية الديمقراطية الأمريكية.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي خارجي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. يتمتع بخبرة واسعة في التغطية والتحليل، وعمل في مواقع وصحف محلية ودولية. شغل منصب المدير التنفيذي لعدة منصات إخبارية، منها "أخباري24"، "بترونيوز"، و"الفارمانيوز"، حيث قاد فرق العمل وطور المحتوى بما يواكب التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى