فن وثقافة

“الاعتراف بالخطأ ليس ضعفاً… بل ذكاء يفتح أبواب الثقة والتطور”.

مهارة نادرة تُظهر النضج... وتفتح أبواباً للتعلم والعلاقات العميقة.

قد يبدو الموقف مألوفاً: تتحدث بثقة، ثم يصحّحك أحدهم… فتشعر بالإحراج، وربما بالغضب. فهل تعاند، أم تتراجع وتعترف؟

الاعتراف بالخطأ يتطلّب شجاعة نفسية، وهو ما يسميه علماء النفس “التواضع الفكري” – القدرة على تقبّل أننا لا نعرف كل شيء، وأننا معرضون للخطأ كأي إنسان.

التواضع الفكري: سر التفكير النقدي

الدكتورة تينيل بورتر تقول: “الاعتراف بالخطأ لا يُضعفك… بل يُظهرك كشخص يفهم حدوده، ويبحث عن الحقيقة لا الانتصار”.

هذا النوع من الأشخاص يميل إلى الانفتاح الذهني، وتقبّل النقد، وتحديث قناعاته عند ظهور الأدلة الجديدة، بعكس أولئك المتشبثين برأيهم مهما حدث.

لماذا يقوّي الاعتراف بالخطأ علاقاتنا؟

التواضع الفكري لا يُحسن فقط طريقة تفكيرنا، بل يحسّن جودة علاقاتنا أيضاً. تقول المعالجة النفسية نيدرا توواب: “الاعتراف بالخطأ يساعد في ترميم الثقة، ويفتح باب التواصل”. والدراسات تؤكد أن الأزواج أو الأصدقاء الذين يتمتعون بهذه الصفة يتجاوزون الخلافات بسهولة، وتدوم علاقاتهم فترة أطول وبمشاعر أقوى.

هل أنت متواضع فكرياً؟ جرّب اختبار الذات

علامات ضعف التواضع الفكري:

تشعر بالإهانة عند تصحيحك.

ترفض تغيير رأيك حتى أمام الحقائق.

تصرّ على أن المشكلة دائماً لدى “الآخرين”.

الباحثة العصبية ليور زميغرود تشير إلى أن التواضع الفكري يرتبط بمرونة أعمق: “إذا أزعجك أي تغيير بسيط في روتينك، فقد تحتاج لتقوية هذه المهارة”.

خطوات عملية لتطوير التواضع الفكري

1. راقب نفسك عند التصحيح: هل تغضب؟ أم تستمع بهدوء؟

2. اطلب ملاحظات من أناس تثق بهم: رأي خارجي قد يكشف زوايا لم تلحظها.

3. أعد تعريف الخطأ: هو فرصة للتعلّم… لا هجوم على قيمتك.

4. تذكّر أخطائك السابقة وكيف تطوّرت بعدها.

5. مارس الاستماع بعمق: كلما استمعت أكثر، قلّ تعصبك.

6. ادعم الآخرين في رحلة التطور، وابدأ بنفسك.

كيف تعترف بخطئك بذكاء وهدوء؟

ابدأ من الداخل: اعترف لنفسك أولاً، قبل أن تتحدث للآخرين.

خذ وقتك: لا تتعجل الاعتذار، لكن لا تتجاهله.

ارجع للحوار لاحقاً: الاعتذار المتأخر أفضل من الصمت الدائم.

اختر كلماتك بلطف: “أعتقد أنني أخطأت في… وسأحاول التعلّم منه”.

في عالم صاخب… التواضع الفكري ثورة هادئة

رغم أن السوشيال ميديا تشجّعنا على الصراخ والثقة الزائدة، فإن أكبر نضج يمكن أن تُظهره هو أن تقول: “كنت مخطئًا”.

كما تقول بورتر: “هذا الاعتراف لا يضعفك… بل يرفعك”.

سولين غزيم

صحفية سورية متخصصة فى الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى