حين تصبح الحقيقة مسألة حياة أو موت: شجاعة الصحفيين في مواجهة المخاطر

ما الذي يجعل شخصًا يختار طريقًا محفوفًا بالمخاطر، يرى فيه قلمه أداةً لكشف الظلم وفضح الحقيقة، حتى لو كان الثمن حياته؟ أعترف أنني لست شجاعة بما يكفي. التجارب القليلة التي خضتها أكدت لي ذلك، سبق أن أجريت مقابلات لمشروع بحثي، لكنني شعرت بالضعف عند مواجهة الأسئلة الصعبة. تخيلت نفسي قادرة على قول الحق في وجه السلطة، لكن حين تصبح حياتي على المحك، هل سأجرؤ؟
تجسيد آنا بوليتكوفسكايا: تجربة من بعيد
كممثلة، أتاح لي فيلمي الجديد كلمات الحرب فرصة تجسيد شخصية آنا بوليتكوفسكايا، الصحفية الروسية والناشطة الحقوقية التي واجهت أعنف المخاطر لكشف الحقيقة. شجاعتها كانت استثنائية، فقد تمسكت بقول الحق رغم التهديدات المتكررة. الفيلم ألهمني تقديرًا عميقًا لأولئك الذين يكرسون حياتهم للصحافة الشجاعة.
مهنة أصبحت أكثر خطورة من أي وقت مضى
إحصائيات قاتمة
العمل الصحفي أصبح اليوم أكثر خطورة من أي وقت مضى. وفقًا للجنة حماية الصحفيين، قُتل أكثر من 1,800 صحفي وعامل إعلامي منذ عام 1992. وكان عام 2024 عامًا قاتمًا بتسجيل مقتل 124 صحفيًا، معظمهم قضوا في النزاعات الدامية في غزة ولبنان.
التحديات في الديمقراطيات
لم تعد المخاطر مقتصرة على مناطق النزاع. حتى في الديمقراطيات الغربية، أصبح الصحفيون مستهدفين. في الولايات المتحدة، توعد دونالد ترامب بإلغاء تراخيص البث وسجن الصحفيين، بينما في بريطانيا لجأ الأثرياء إلى استخدام دعاوى قضائية تعسفية لإسكات الأصوات الجريئة.
التحضير لدور بوليتكوفسكايا
في إطار التحضير لتجسيد شخصية آنا بوليتكوفسكايا، قرأت العديد من الشهادات المؤثرة لصحفيين وصحفيات من خطوط النار. تحدثت مع صحفيين يعملون في مناطق النزاع، وذهبت إلى مراسم تأبين الصحفية شيرين أبو عاقلة في كنيسة سانت برايد بلندن. أبو عاقلة، التي قُتلت أثناء تغطيتها لاقتحام في جنين وهي ترتدي سترة صحفية وخوذة، لا يزال قاتلوها أحرارًا.
دروس من شجاعة الصحفيين
كان واضحًا خلال هذه التجارب أن الصحفيين الشجعان لا يبحثون عن الشهرة أو المجد. ما يدفعهم هو قناعة راسخة بأن قول الحقيقة ضرورة لا يمكن التخلي عنها، مهما كان الثمن.
دفاع عن الصحافة… دفاع عن الحرية
في عالم يزداد فيه القمع، تظل الصحافة الحرة عنصرًا أساسيًا للدفاع عن حقوق الإنسان. كما قال جون آدامز: “حرية الصحافة ضرورية لأمن الدولة”. ومع كل صحفي يتم تهديده أو قتله، نخسر جزءًا من هذه الحرية الحيوية.
مسؤوليتنا تجاه الصحفيين
لدينا جميعًا دور في دعم الصحفيين الشجعان الذين يخاطرون بحياتهم لكشف الحقائق. يمكننا التبرع لمؤسسات مثل لجنة حماية الصحفيين أو مشاركة أعمالهم. دعم الصحافة الحرة ليس شعارًا سياسيًا فحسب، بل واجب شخصي.
استنتاج: الحقيقة ثمنها غالٍ
مع اقتراب اليوم العالمي لحرية الصحافة، تذكروا أن وراء كل عنوان جريء يقف شخص خاطر بحياته ليصل إلينا بالحقيقة. دعم الصحافة الحرة ضرورة للحفاظ على حرية المجتمعات وكرامتها. لنحافظ على هذه الأصوات الشجاعة التي تجعل العالم أكثر عدلًا.