عربي وعالمي

اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا

أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، على خلفية ضلوعه المفترض في جريمة استهداف مركز صحفي في مدينة حمص عام 2012، ما أدى إلى مقتل صحفيين أجانب. الخطوة القضائية تمثل سابقة قانونية تُعيد فتح ملف جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال المراحل الأولى من النزاع السوري.

مقتل ماري كولفين وريمي أوشليك تحت القصف

الحادثة تعود إلى فبراير 2012، حينما كانت الصحفية الأميركية ماري كولفين (56 عامًا) تعمل لصالح صحيفة “صنداي تايمز”، وترافقها مجموعة من الصحفيين الأجانب في أحد مراكز الإعلام غير الرسمي في حي بابا عمرو بمدينة حمص، المحاصر حينها من قبل القوات السورية.

بعد تعرض المبنى للقصف، قرر الصحفيون مغادرته، إلا أن قذيفة هاون سقطت قرب مدخله فور خروجهم، ما أدى إلى مقتل ماري كولفين والمصور الفرنسي المستقل ريمي أوشليك (28 عامًا). كما أُصيب عدد من الصحفيين الآخرين بجروح، بينهم الفرنسية إديت بوفييه، والمصور البريطاني بول كونروي، إضافة إلى المترجم السوري وائل العمر.

مذكرات توقيف تطال شخصيات عسكرية بارزة

التحقيقات الفرنسية التي جرت منذ سنوات، أسفرت في شهر أغسطس الماضي عن إصدار سبع مذكرات توقيف ضد مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، بحسب ما أفاد به محامو الأطراف المدنية يوم الثلاثاء. وتشمل القائمة، إلى جانب بشار الأسد، شقيقه ماهر الأسد الذي كان يقود الفرقة الرابعة المدرعة في تلك الفترة، إضافة إلى علي مملوك رئيس جهاز الأمن القومي، وعلي أيوب رئيس الأركان آنذاك.

وتتهم السلطات الفرنسية هؤلاء بالتورط في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، على خلفية الهجوم الذي استهدف الصحفيين في حمص، والذي وصفته منظمات حقوقية بـ”الهجوم المتعمد على الإعلام الحر”

محامو الضحايا: خطوة حاسمة نحو العدالة

قالت المحامية كليمنس بيكتارت، المتحدثة باسم الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومقره باريس، إن إصدار هذه المذكرات يمثل “خطوة حاسمة تمهد الطريق لإجراء محاكمة تاريخية في فرنسا”. وأضافت أن القرار يعكس “اعترافًا بمسؤولية أعلى المستويات في النظام السوري عن جرائم ممنهجة ضد المدنيين، بما في ذلك الصحفيين الذين كانوا يسعون لنقل الحقيقة”.

كما عبّر والدا المصور ريمي أوشليك عن ارتياحهما، مشيرين إلى أن “العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين لا يمكن التغاضي عنها تحت أي ظرف”

أبعاد قانونية ودولية للقرار الفرنسي

يحمل القرار القضائي الفرنسي أبعادًا سياسية وقانونية واسعة، إذ يُعد سابقة من نوعها بحق رئيس دولة لا يزال يمارس سلطاته في سياق دولي معقّد. ومن غير المرجح أن يتم تسليم المتهمين إلى القضاء الفرنسي، خصوصًا في ظل غياب آلية دولية تلزم سوريا بتنفيذ المذكرات.

مع ذلك، يُنظر إلى القرار على أنه ضغط رمزي قوي يعزز المساءلة الدولية، ويبعث برسالة إلى الأنظمة المتهمة بارتكاب انتهاكات، مفادها أن الإفلات من العقاب لم يعد مضمونًا.

خلاصة: بداية مسار طويل نحو العدالة

يمثل إصدار مذكرات التوقيف هذه نقلة نوعية في جهود توثيق الجرائم في سوريا، وقد يكون بداية لمسار طويل نحو محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة. وبينما تتصاعد الدعوات لمحاكمة المسؤولين السوريين أمام محكمة دولية أو وطنية، تبقى العوائق السياسية والقانونية حاضرة، لكن باب العدالة لم يُغلق بعد.

اقرأ أيضاً:

الكشف عن تاريخ إصدار وسعر لعبة ” Hollow Knight: Silksong’s”

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى