حوادث وقضايا

الايكونوميست: ازمه وقود خانقة تهدد روسيا : الطائرات الأوكرانية تضرب قلب صناعه التكرير

 

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الطاقة هي الورقة الأهم في يد الكرملين، سواء كوسيلة تمويل للحرب أو كأداة نفوذ على الغرب. لكن المعادلة انقلبت تدريجيًا مع تصعيد أوكرانيا لهجماتها على المنشآت النفطية داخل العمق الروسي. ومع اتساع نطاق هذه الضربات، التي تستهدف المصافي ومحطات الضخ والتخزين، بدأت ملامح أزمة وقود خانقة تتكشف داخل روسيا نفسها، مع طوابير سيارات أمام محطات الوقود، وارتفاعات قياسية في الأسعار، وتراجع عائدات الدولة.

تصعيد غير مسبوق في الهجمات الأوكرانية

منذ مطلع أغسطس 2025، نفذت أوكرانيا أكثر من 12 ضربة استهدفت شبكة التكرير والتوزيع الروسية. أبرزها كانت ضد مصفاتي كراسنودار وسيزران في منطقة سمارا، وهما من أهم المرافق التي تزود الوحدات العسكرية الروسية بالوقود.

بحسب قائد قوات الأنظمة غير المأهولة الأوكرانية، فإن 40% من الأهداف الأوكرانية طويلة المدى هذا العام كانت مصافي نفط روسية. هذه الهجمات شملت أيضًا مستودعات ومحطات ضخ، ما جعل تأثيرها متشعبًا وعميقًا.

خسائر في القدرة التكريرية تفوق المليون برميل يوميًا

تشير تقديرات أولية إلى أن 20% من طاقة التكرير الروسية خرجت عن الخدمة، أي ما يعادل أكثر من مليون برميل يوميًا. ورغم أن بعض الأضرار قد تكون مؤقتة، فإن الضربات المتكررة ألحقت أضرارًا دائمة بوحدات التكسير المسؤولة عن إنتاج البنزين والديزل ووقود الطائرات، وهي وحدات يصعب استبدالها في ظل العقوبات الغربية.

شلل في الأسواق المحلية وارتفاع تاريخي للأسعار

انعكست هذه الضربات مباشرة على المستهلك الروسي:

محطات وقود خالية في مناطق متعددة.

ارتفاع أسعار البنزين بالجملة بنسبة 54% منذ بداية العام لتصل إلى مستويات قياسية.

تعليق صادرات البنزين من أجل تأمين الطلب المحلي.

تقارير عن نقص حاد في الوقود حتى في مناطق بعيدة مثل شبه جزيرة القرم المحتلة وفلاديفوستوك في أقصى الشرق.

إلى جانب ذلك، وصل العجز في الميزانية الروسية خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025 إلى 61.4 مليار دولار، وهو ما يعمّق الضغوط المالية على الكرملين.

تفوق تقني أوكراني يقلب الموازين

المفتاح الأساسي لهذا التصعيد هو الانتاج الكثيف للطائرات المسيّرة الانتحارية.

طائرة FP-1 التي كُشف عنها في مايو الماضي أصبحت العمود الفقري للهجمات، وتشكل نحو 60% من الضربات العميقة.

يجري تصنيعها بمعدل 100 وحدة يوميًا، بتكلفة لا تتجاوز 55 ألف دولار، وبقدرة على حمل رؤوس حربية تزن من 60 إلى 120 كغ.

تتميز هذه الطائرة بمدى يصل إلى 1,600 كلم، وبرمجيات متطورة تسمح لها بالعمل بدقة تحت أقسى ظروف الحرب الإلكترونية.

كما تشارك الطائرات الأثقل والأغلى مثل Lyutyi في الهجمات، ما يزيد من تنوع الترسانة الأوكرانية.

ضغوط على الدفاعات الروسية

يؤكد الخبير سيرغي فاكونلينكو من مركز كارنيغي أوراسيا أن وتيرة الهجمات في أغسطس كانت مختلفة جذريًا عن أي مرحلة سابقة، إذ يتم إطلاق الطائرات المسيّرة في أسراب ضخمة قادرة على إغراق الدفاعات الروسية.

الهجمات شملت نطاقًا جغرافيًا واسعًا يمتد من ريازان قرب موسكو إلى فولغوغراد في الجنوب الشرقي، وهو نطاق يضم عشرات الملايين من السكان ويشهد أعلى طلب موسمي على الوقود بسبب العطلات والحصاد الزراعي.

هل يمكن لروسيا احتواء الأزمة؟

فاكونلينكو يرى أن الوضع الحالي “صعب لكنه قابل للإدارة”، وأن الأزمة الشاملة لم تصل بعد. لكن خبراء آخرين مثل لورانس فريدمان يحذرون من أن استمرار الضربات بنفس الكثافة قد يؤدي إلى شلل فعلي في السوق الروسية، مع انعكاسات خطيرة على الاقتصاد وعلى القدرة العسكرية.

فالأزمة لا تتعلق فقط بالإمدادات المدنية، بل تضرب مباشرة قدرة الجيش على تأمين الوقود لجبهات القتال، ما يضعف قدرته على شن هجمات واسعة أو حتى الحفاظ على وتيرة العمليات الحالية.

الخلاصة: حرب الاستنزاف تتحول إلى حرب وقود

مع تصاعد الضغط الاقتصادي وتآكل الموارد، تبدو روسيا أمام تحدٍ استراتيجي مزدوج: مواجهة العقوبات الغربية من جهة، وامتصاص الضربات الأوكرانية داخل أراضيها من جهة أخرى.

الهجمات بالطائرات المسيّرة وحدها قد لا تحسم الحرب، لكنها بلا شك تضيف عبئًا ثقيلًا على نظام بوتين، وتحوّل مصدر قوة روسيا التاريخي – النفط والغاز – إلى نقطة ضعف تهدد استقرارها الداخلي وقدرتها على مواصلة الحرب بنفس الزخم.

اقرا ايضا

برج الحمل حظك اليوم الجمعه 29 اغسطس 2025 لا داعي للقلق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى