لماذا يجب على الغرب تزويد اوكرانيا بطائرات16 -F؟
ترامب يعود إلى الواجهة بضربة جوية ضد إيران

بينما تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد مفصلي، لا تزال الدول الغربية تتجادل بشأن نوعية الأسلحة التي ينبغي تزويدها بها. فبعد طول انتظار، حصلت كييف على الدبابات التي طالبت بها، لكنها الآن ترفع صوتها مجددًا، مطالبة بطائرات مقاتلة — وتحديدًا طائرات F-16 الأميركية التي شكلت العمود الفقري للقوات الجوية في حلف الناتو طوال العقود الأربعة الماضية. لكن هذه الدعوات لا تزال تقابل بتردد وتحفظ من قبل الحلفاء.
ورغم أن بولندا وسلوفاكيا قد أرسلتا نحو 30 طائرة من طراز ميغ-29 تعود إلى الحقبة السوفييتية، فإن الفارق بين هذه الطائرات ونظيراتها الغربية من حيث القدرات والتكنولوجيا شاسع. فروسيا تمتلك حاليًا نحو خمسة أضعاف عدد الطائرات الذي كانت تملكه أوكرانيا مع بداية الحرب، ومعظمها أحدث وتتميز برادارات أطول مدى وصواريخ جو-جو أكثر فاعلية.
ورغم ذلك، لم تتمكن موسكو حتى الآن من فرض هيمنة جوية كاملة فوق أوكرانيا. لكن هذا الوضع قد لا يدوم طويلاً، إذ إن الدفاعات الجوية الأوكرانية القائمة على صواريخ أرض-جو تعود لعهد الاتحاد السوفييتي وتوشك على النفاد، فيما لا تزال أنظمة الدفاع الغربية التي تم تسليمها تحتاج إلى وقت للتشغيل والتكامل.
إذا أصبحت الأجواء الأوكرانية أقل خطورة بالنسبة للطائرات الروسية، فإن احتمالات فرضها التفوق الجوي في مناطق مثل دونباس، وربما لاحقًا على كامل التراب الأوكراني، ستزداد. وهذا بدوره قد يُضعف قدرة القوات الأوكرانية على استعادة أراضيها بشكل جذري.
الحجج ضد تزويد أوكرانيا بـ F-16 تنهار
يقول بعض الحلفاء إن الأولوية يجب أن تظل للدفاعات الجوية الأرضية، ويعتبرون أن إرسال طائرات F-16 سيُشكل عبئًا ماليًا غير مبرر، كما أن تأهيل الطيارين والفنيين سيستغرق عامًا على الأقل. أضف إلى ذلك أن الطائرات بحاجة إلى مدارج ممهدة قد لا تتوافر في أوكرانيا، وأن تزويد كييف بهذه المقاتلات قد يُفسّر من قبل روسيا كتصعيد خطير.
لكن معظم هذه الحجج لا تصمد أمام الواقع:
لدى أوكرانيا عدد من الطيارين يفوق عدد الطائرات المتاحة، وبالتالي يمكن البدء بتدريبهم فورًا، ويمكن أن تكون الدفعة الأولى من المقاتلين الجويين جاهزة قبل نهاية العام.
يمكن إجراء عمليات الصيانة والإصلاح في دول مجاورة مثل بولندا ورومانيا، اللتين تمتلكان بالفعل طائرات F-16 وتعرفان آليات تشغيلها.
صحيح أن مشكلة المدارج حقيقية، وقد تتسبب الحصى والشظايا في إتلاف بعض الطائرات، لكن هناك حلولاً بديلة مثل طائرات “غريبن” السويدية القادرة على الإقلاع من طرق عادية، وإن كانت أعدادها في أوروبا محدودة.
الردع لا يعني الخوف
أما المخاوف من أن تزويد أوكرانيا بطائرات متقدمة قد يدفع روسيا إلى تصعيد غير محسوب، فهي مبالغ فيها. بل إن إرسال F-16 سيكون رسالة حازمة إلى فلاديمير بوتين بأن دعم الغرب لكييف ليس مجرد موقف تكتيكي مؤقت، بل التزام استراتيجي طويل المدى.
رد فعل روسيا، إذا حصل، قد يأتي على شكل هجمات إلكترونية أو أعمال تخريبية غير معلنة، لكن احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب طائرات مقاتلة تبقى ضعيفة جدًا في تقدير أغلب المراقبين.
فلتستمعوا إلى من يعرف الحرب حقًا
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالب بهذه الطائرات لأنه يعي خطورة الوضع، ولأنه استمع إلى قادته العسكريين الذين أثبتوا حتى الآن أنهم أكثر دقة وتبصرًا في تقييم مجريات الحرب من كثير من الخبراء الغربيين.
السماء الأوكرانية على المحك، وإذا لم تتحرك الدول الغربية الآن، فقد تستيقظ قريبًا لتجد القاذفات الروسية تحلق بحرية فوق مدن أوكرانيا. الوقت ينفد — وقد حان الوقت للاستماع إلى كييف.