الاقتصاد

كرافت هاينز تدرس تفكيك امبراطوريتها الغذائية وسط تراجع الأداء وتغيرات السوق

"كرافت هاينز: تفكيك الإمبراطورية الغذائية"

 

بعد نحو عقد من اندماج اثنين من أشهر الأسماء في صناعة الأغذية المعلبة، كرافت وهاينز، بدأت الشركة الناتجة عن هذا التحالف في مراجعة هيكلها بالكامل، مدفوعة بضغوط السوق، والتحولات في ذوق المستهلكين، وازدياد التحديات من المنتجات المحلية ذات العلامات التجارية الخاصة. وتدرس إدارة “كرافت هاينز” اليوم خيارًا غير مسبوق: تفكيك الشركة إلى كيانين منفصلين، في خطوة من شأنها إعادة تشكيل ملامح واحدة من أكبر شركات الأغذية المعلبة في العالم، التي كانت يومًا أيقونة في رفوف المتاجر.

 

خطة الانقسام: فصل “التراث” عن “النمو”

وفقًا لمصادر مطلعة على سير المناقشات الداخلية، تدرس كرافت هاينز خيار فصل محفظة الأغذية التقليدية – مثل وجبات العشاء الجاهزة، والأجبان المصنعة، واللحوم المعلبة – في شركة مستقلة. هذه المنتجات، رغم شهرتها التاريخية، تعاني من ضعف في النمو مقارنةً بالقطاعات الأخرى داخل المجموعة.

 

الشركة الأم: التركيز على الصلصات والتوابل عالية النمو

في المقابل، ستضم الشركة الأم الجديدة علامات تجارية مثل صلصات “هاينز” و”جراي بوپون”، وهي منتجات تتماشى مع التحولات في تفضيلات المستهلكين نحو النكهات المتنوعة والمنتجات المتميزة. ويأمل المسؤولون التنفيذيون أن يحقق هذا الكيان نموًا أسرع في ظل الطلب المتزايد على الأغذية الذكية والمركزة.

 

القيمة السوقية هدف استراتيجي

بحسب تقديرات المشاركين في المشاورات، فإن تقسيم الشركة قد يؤدي إلى تحقيق قيمة سوقية أعلى من القيمة الحالية لـ”كرافت هاينز” البالغة 31 مليار دولار. ويُعتقد أن الكيانين الجديدين سيكونان أكثر قدرة على اجتذاب المستثمرين وتلبية طموحات الأسواق.

 

الضغوط على صناعة الأغذية تدفع نحو التغيير

تأتي هذه الخطوة المحتملة في وقت تواجه فيه شركات الأغذية المعبأة ضغوطًا كبيرة لإعادة هيكلة محافظها، مدفوعة بعوامل مثل التضخم، وزيادة وعي المستهلكين الصحي، وصعود المنتجات المنافسة من العلامات التجارية الخاصة بالمتاجر، التي أصبحت تقدم جودة مقاربة بأسعار أقل.

 

تفكيك التحالف التاريخي بين بافيت و3G

تفكيك كرافت هاينز سيمثل عمليًا نهاية التحالف التاريخي الذي نشأ عام 2015 بين شركة “هاينز”، المدعومة من المستثمر المخضرم وارن بافيت ومجموعة 3G كابيتال البرازيلية، وعملاق الأغذية “كرافت”. في ذلك الوقت، رُوِّج للصفقة باعتبارها نقلة نوعية في صناعة الأغذية المعالجة، مع وعود بإعادة إحياء العلامات المتهالكة عبر خفض التكاليف وزيادة الكفاءة.

 

نجاحات محدودة… وسلسلة إخفاقات

لكن على مدار السنوات الماضية، عانت الشركة من تحديات كبرى، أبرزها فشل صفقة الاستحواذ على “يونيليفر” عام 2017 بقيمة 143 مليار دولار، وفضيحة محاسبية لاحقة أثرت سلبًا على سمعتها وثقة المستثمرين. هذه الإخفاقات وضعت علامات استفهام حول استراتيجية النمو القائمة على تقليص النفقات دون تطوير فعلي للمنتجات.

 

تراجع كارثي في قيمة الأسهم

منذ ذروة النجاح التي حققتها في عام 2017، انخفضت القيمة السوقية لسهم كرافت هاينز بنسبة تجاوزت 70%، مما وضعها تحت ضغط مستمر من المساهمين لإجراء تغييرات جذرية تعيدها إلى مسار النمو وتضمن لها البقاء في سوق شديدة التنافسية.

 

خيارات بديلة: بيع أصول بدلًا من التفكيك الكامل

رغم الحديث عن سيناريو الانقسام، تؤكد المصادر أن القرار لم يُحسم بعد، وأن من بين البدائل المطروحة هو بيع بعض الأصول غير الأساسية مع الإبقاء على كيان الشركة الموحد. وقد تلجأ الإدارة إلى هذا الخيار إذا رأت أن التفكيك قد يؤدي إلى تعقيدات تنظيمية أو ضغوط مالية غير مرغوبة.

 

انعكاسات محتملة على السوق والمستثمرين

إذا تم تنفيذ الانقسام، فستكون له تأثيرات واسعة على سوق الأغذية المعلبة والمستثمرين فيها. إذ قد يفتح المجال أمام إعادة تقييم شركات أخرى مشابهة تسعى إلى فصل خطوط إنتاجها التقليدية عن تلك الأكثر ديناميكية. كما سيعيد تشكيل مشهد تنافسي كان لسنوات خاضعًا لسيطرة علامات كبرى مثل كرافت هاينز.

 

منصة جديدة لتقييم فلسفة الإنتاج الغذائي

في النهاية، تعكس تحركات كرافت هاينز رغبة في إعادة التفكير في فلسفة الإنتاج الغذائي الجماهيري، التي قامت لعقود على التوسع والكميات، ولكنها اليوم باتت مجبرة على إعادة الابتكار والتكيّف مع أنماط استهلاك جديدة، حيث يبحث المستهلكون عن الجودة، والشفافية، والتجديد.

اقرأ أيضاً

فاينشال تايمز : أبل تقتحم عالم الفورمولا 1:نجاح فيلم براد بيت يشعل سباق البث مع ESPN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى