غضب في لبنان بعد تصريحات المبعوث الأمريكي لصحفيين: “تصرفوا بطريقة حضارية”

أثارت تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم باراك، ردود فعل غاضبة بين الصحفيين في لبنان، بعد أن طلب منهم “التصرف بطريقة حضارية” وعدم التصرف بشكل “حيواني” أثناء تغطيتهم لاجتماع مع رئيس الجمهورية اللبناني، ميشال عون. تأتي هذه الحادثة في وقت تشهد فيه الساحة اللبنانية حالة توتر سياسي وإعلامي، ما جعل التصريحات الأمريكية عرضة للنقد والجدل المحلي.
تفاصيل الحادثة
وقعت الواقعة خلال مؤتمر صحفي في قصر بعبدا، بعد اجتماع الوفد الأمريكي مع الرئيس اللبناني. وعندما بدأ الصحفيون في توجيه الأسئلة بشكل حاد، صعد توم باراك إلى المنصة وقال:
“سنضع مجموعة مختلفة من القواعد … من فضلكم اصمتوا لحظة. لحظة أن يبدأ الوضع في التحول إلى الفوضى، مثل سلوك الحيوانات، نحن سنغادر”.
وأضاف: “تصرفوا بطريقة حضارية، تصرفوا بلطف، تصرفوا بتسامح، لأن هذه هي المشكلة فيما يحدث في المنطقة”، في إشارة إلى التوترات الإقليمية.
باراك، الذي يشغل أيضًا منصب السفير الأمريكي لدى تركيا، كان يقود مؤخرًا سلسلة من المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين، وهو ما أضاف بعدًا حساسًا لتصريحاته المثيرة للجدل.
ردود الفعل الرسمية في لبنان
أصدرت رئاسة الجمهورية اللبنانية بيانًا عبر منصة X أعربت فيه عن أسفها لـ”التصريحات الصادرة عن أحد ضيوفها عن غير قصد”، مؤكدة تقديرها للصحفيين ووسائل الإعلام.
كما أعرب وزير الإعلام اللبناني، بول معلوف، عن أسفه على ما وصفه بـ”تصريحات أحد أعضاء الوفد الأجنبي تجاه ممثلي الإعلام في قصر بعبدا”.
ردود الصحفيين والهيئات الإعلامية
اعتبرت نقابة المصورين الصحفيين تصريحات باراك “إهانة مباشرة” و”سابقة خطيرة وغير مقبولة”، وطالبت بـ”اعتذار فوري وعام”، رافضة أي محاولات لتخفيف حدة الحادثة أو تمريرها دون محاسبة.
كما دعت نقابة محرري الصحف إلى بيان اعتذار رسمي، وطرحت فكرة مقاطعة أي زيارات أو اجتماعات مستقبلية للوفد الأمريكي.
أما اتحاد الصحفيين اللبنانيين، فوصف تصريحات باراك بأنها “انعكاس لتكبر غير مقبول في التعامل مع الإعلام”، مطالبًا أيضًا باعتذار رسمي.
من جانب آخر، اعتبر النائب إبراهيم الموسوي، رئيس لجنة الإعلام في البرلمان اللبناني والمنتمي إلى جماعة حزب الله المدعومة من إيران، أن التصريحات “إهانة صريحة”، ودعا الحكومة إلى استدعاء السفير الأمريكي و”توجيه توبيخ رسمي له”.
الأبعاد السياسية والدبلوماسية
تعكس هذه الواقعة حالة توتر متزايدة بين الإعلام والدبلوماسية في لبنان، خصوصًا في ظل الوجود الأمريكي المكثف في القضايا الإقليمية الحساسة. وقد اعتبر العديد من السياسيين والصحفيين أن استخدام لغة مثل “تصرفوا بشكل حضاري” في سياق توجيه مباشر للصحفيين يمثل تجاوزًا للصلاحيات ويشكل انتقاصًا من حرية الإعلام.
خاتمة
تأتي تصريحات المبعوث الأمريكي في وقت تتصاعد فيه المطالب اللبنانية بضرورة احترام الصحافة ودورها الرقابي، في بلد يواجه تحديات سياسية وأمنية كبيرة. ويبدو أن أزمة هذا الحادث قد تشكل اختبارًا للعلاقات اللبنانية-الأمريكية فيما يتعلق بحرية الإعلام وحدود التدخل الدبلوماسي في الشؤون الداخلية للمؤسسات الإعلامية.