الاقتصاد

تقرير أسواق: «رالي» اليورو لم ينتهِ بعد — لماذا تتوقع بنوك وول ستريت اختراق 1.20 دولار؟

يترقّب المستثمرون في وول ستريت مزيدًا من الصعود لليورو مقابل الدولار الأمريكي، مدفوعًا بعدّة عوامل متداخلة، على رأسها التحوّط العالمي ضد الدولار، وتقلّص الفجوة في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

التحوّط ضد الدولار (Dollar Hedging)

صناديق معاشات وشركات تأمين حول العالم بدأت برفع نسب التحوّط من التعرض للأصول المقومة بالدولار، بعد فترة طويلة من الإبقاء على مستويات متدنية. هذه التحركات تُترجم إلى طلب إضافي على اليورو من خلال العقود الآجلة ومشتقات العملات، ما يعزّز الطلب الفني والأساسي على العملة الأوروبية.

تقلّص فرق أسعار الفائدة (Rate Differential)

مع استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سياسة خفض أسعار الفائدة، تتقلّص العوائد النسبية لصالح الدولار، مما يقلل من تكلفة التحوّط للمستثمر الأوروبي، ويزيد جاذبية التحوّل إلى اليورو.

سردية “اللحظة الأوروبية”

التحسن النسبي في نمو منطقة اليورو، إلى جانب تنامي المخاوف من اضطرابات سياسية أو سيادية في الولايات المتحدة، يغذي رواية “تنويع الاحتياطيات” والابتعاد عن الدولار باعتباره أصلًا مهيمنًا.

توقعات البنوك الكبرى: نحو 1.25؟

ترى بنوك استثمارية كبرى أن اليورو في طريقه لاختراق مستويات فنية ونفسية مهمة خلال الأشهر المقبلة:

Goldman Sachs: 1.25 خلال 12 شهرًا

JPMorgan: 1.22 بحلول مارس

UBS: 1.23 قبل نهاية العام

بلومبرغ (متوسط التقديرات): اختراق 1.20 في الربع الثالث من 2026

Citi (الرأي المعاكس): هبوط نحو 1.10 إذا تسارع الاقتصاد الأمريكي مجددًا

التداعيات على أوروبا: مكاسب العملة تهدد المصدرين وتربك السياسة النقدية

ضغط على القطاع المُصدِّر

كل ارتفاع إضافي في سعر صرف اليورو يقلّص هوامش ربح الشركات المُصدِّرة، خصوصًا في الصناعات الحسّاسة للأسعار مثل السيارات والآلات الدقيقة.

تحديات أمام البنك المركزي الأوروبي (ECB)

قوة العملة تقلل من أسعار الواردات وتُضيف رياحًا انكماشية، ما قد يحرج المركزي الأوروبي ويدفعه إلى لهجة أكثر تيسيرًا أو حتى خفض إضافي للفائدة. يرى صانعو السياسة أن مستوى 1.20 يُمثّل «خطًا فاصلًا»؛ فالصعود البطيء مقبول، لكن الارتفاع السريع خلال فترات ضعف الطلب المحلي يثير القلق.

كيف يعمل التحوّط كمحرّك لصعود اليورو؟

عندما يمتلك مستثمر أوروبي أصولًا مقومة بالدولار، فإنه يحتاج إلى التحوّط ضد تقلبات العملة عبر عقود آجلة أو مقايضات. كلما تقلّصت فروق أسعار الفائدة بين العملتين (نتيجة لخفض الفيدرالي للفائدة)، انخفضت تكلفة هذا التحوّط، مما يشجع المستثمرين على رفع مراكز الشراء في اليورو مقابل الدولار — ما يؤدي بدوره إلى دعم السعر.

السيناريوهات المحتملة للأشهر الـ 6–12 المقبلة

السيناريو الأساسي (ترجيح مرتفع)

العوامل: استمرار خفض الفيدرالي للفائدة + استمرار تدفقات التحوّط

النتيجة: سعر صرف بين 1.20 و1.23

السيناريو الصعودي (ترجيح متوسط)

العوامل: تباطؤ أمريكي أعمق + تحسن في أوروبا + إعادة توازن احتياطيات البنوك المركزية

النتيجة: 1.23–1.25

السيناريو الهبوطي (ترجيح منخفض–متوسط)

العوامل: تسارع اقتصادي أمريكي + صدمة نمو أوروبي + تراجع في التحوّط

النتيجة: تراجع نحو 1.12–1.1

ما الذي يجب مراقبته؟

سياسة الفيدرالي الأمريكي: خصوصًا توقعات الفائدة (Dot Plot) والتوجيه المستقبلي

البيانات الأوروبية الأساسية: مثل التضخم، الأجور، مؤشرات مديري المشتريات (PMI)

نبرة البنك المركزي الأوروبي: هل يبدأ بالتحذير من قوة اليورو؟

تدفقات صناديق المعاشات والتأمين: هل تستمر برفع نسب التحوّط؟

الشهية العالمية للمخاطرة: أيّ تراجع مفاجئ قد يدعم الدولار كملاذ آمن

نقاط إستراتيجية للمستثمرين ومديري الخزينة

المتحوّطون الأوروبيون بالدولار: الفرصة سانحة لزيادة نسب التحوّط (Hedge Ratios) مع تحسّن الشروط

المصدّرون الأوروبيون: دراسة تحوّط المبيعات عند 1.19–1.21 لحماية الهوامش

المستثمرون التكتيكيون: الحذر من “شراء الإشاعة وبيع الخبر” عند المستويات النفسية المفصلية (مثل 1.20

خلاصة: صعود اليورو مدفوع بديناميكيات أعمق من مجرد تفاؤل عابر

ارتفاع اليورو الحالي ليس نتاج تحركات مزاجية، بل نتيجة مزيج من تحوّط مؤسسي متزايد، وتقلّص العائد على الدولار، وتنامي سردية تنويع الاحتياطيات عالميًا. اختراق 1.20 يبدو واردًا في الأجل القريب، لكن استدامة الزخم نحو 1.25 تعتمد على مسار الفيدرالي الأمريكي وصلابة الطلب في أوروبا.

اقرأ أيضاً:

تقرير BP: الطلب على النفط والغاز يرتفع ويهدد هدف “صفر انبعاثات” بحلول 2050

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى