القوات الجوية الأمريكية تواجه تحديات صيانة تهدد جاهزية أسطولها الجوي

تواجه القوات الجوية الأمريكية تحديات غير مسبوقة في الحفاظ على جاهزية أسطولها الجوي، وفق تصريحات وزير القوات الجوية تروي مينك. في مؤتمر Air Space Cyber بمدينة ناشونال هاربور بولاية ماريلاند، أكد مينك أن الموارد المحدودة للصيانة يجب أن تركز على الطائرات القادرة على البقاء في بيئات قتالية متقدمة. رغم امتلاك الجيش بعضًا من أفضل الطائرات في العالم، مثل المقاتلات F-22 وF-35 والقاذفة B-2، فإن معدلات الجاهزية التشغيلية انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ما يثير المخاوف بشأن قدرة الولايات المتحدة على مواجهة التحديات المستقبلية في السماء.
تراجع جاهزية الأسطول الجوي
أوضح مينك أن معدل الجاهزية التشغيلية للطائرات الأمريكية خلال العام المالي 2024 لم يتجاوز 62%، ما يعني أن نحو أربعة من كل عشرة طائرات كانت خارج الخدمة في أي لحظة. وقد أثار ذلك القلق داخل الأوساط العسكرية، خاصة بعد تحذيرات الجنرال ديفيد ألفين، رئيس هيئة الأركان، الذي عرض بيانات تؤكد الانخفاض المستمر منذ ثلاثة عقود. فبينما كانت جاهزية الأسطول تصل إلى 73% عام 1994، لم تتعدَّ 54% في 2024. ويرجع الخبراء هذا التراجع إلى قدم الطائرات، إذ يبلغ متوسط عمرها اليوم نحو 32 عامًا، مقارنة بـ17 عامًا فقط في التسعينيات.
طائرات حديثة بين التميز والتحديات
رغم امتلاك القوات الجوية الأمريكية طائرات متقدمة مثل F-22 وF-35 وB-2، فإن الواقع العملي يكشف عن مشكلات تشغيلية مزمنة. فقد أشار مينك إلى قاعدة Langley-Eustis بولاية فيرجينيا، حيث ترابط عدة مقاتلات F-22 خارج الخدمة، متوقفة على المدرج لغياب قطع الغيار. هذا المشهد، برأي الوزير، يجسد حجم الأزمة التي تواجهها القوات الجوية، والتي لم يعد حلها خيارًا بل ضرورة قصوى. وأضاف مينك أن استمرار هذه الأوضاع يجعل من الضروري إعادة النظر في استثمارات الصيانة، خاصة إذا لم تعد بعض المنصات قادرة على الصمود في بيئات قتالية معادية.
الأولويات الاستراتيجية وإعادة توجيه الموارد
أكد مينك أن التركيز يجب أن ينصب على الطائرات القادرة على حسم الحروب المستقبلية، بينما يتعين سحب الطائرات القديمة من الخدمة لإعادة توجيه الموارد نحو منصات حديثة أكثر فاعلية. واستشهد بالتجربة الأوكرانية في استخدام طائرات مسيرة تجارية معدلة لا تتجاوز قيمتها بضعة آلاف من الدولارات لتدمير طائرات روسية بملايين الدولارات، باعتبارها مثالًا على طبيعة الصراعات الجوية المعاصرة. ووفقًا له، فإن هذه التطورات تفرض على الولايات المتحدة إعادة التفكير بعمق في طريقة استثمار مواردها وتوزيع جاهزيتها بما يضمن التفوق العسكري طويل الأمد.
محاسبة المقاولين واعتماد تقنيات مبتكرة
شدد مينك على ضرورة تحميل المقاولين مسؤولية جودة قطع الغيار، موضحًا أن القطع التي يُفترض أن تعمل 400 ساعة لا يجوز أن تتوقف بعد 100 ساعة فقط. وأكد أن التعاون بين البنتاغون والشركات المصنعة ضروري لإجراء الاستثمارات اللازمة التي ترفع كفاءة أنظمة الأسلحة. من جانبه، أوضح ويليام بيلي، نائب وزير القوات الجوية للتقنية واللوجستيات، أن التصميم المرن للطائرات الحديثة سيسهّل عمليات الصيانة والاستبدال. كما لفت إلى أهمية إدخال التحليل المتقدم للبيانات لفهم أعطال الأنظمة بشكل أفضل، والتنبؤ بها قبل أن تؤثر على الجاهزية القتالية.
المستقبل: صيانة أكثر ذكاءً وكفاءة
تسعى القوات الجوية الأمريكية إلى تعزيز كفاءة صيانتها باستخدام استراتيجيات مبتكرة وتحليل بيانات متقدمة لتحديد المشكلات قبل أن تؤثر على الجاهزية. ويهدف الجيش إلى إعادة توزيع الفنيين المؤهلين على الطائرات الأساسية، وضمان تحسين سلاسل التوريد لتوفير قطع الغيار الحيوية في الوقت المناسب. مع التركيز على الطائرات الأكثر قدرة على الصمود في المعارك المعاصرة، تواصل الولايات المتحدة تطوير أسطولها الجوي لمواجهة أي تحديات مستقبلية بثبات وفعالية.