نافذه العقوبات على ايران توشك على الإغلاق:سباق غربي مع الزمن قبل يوم الانهاء

مع اقتراب موعد “يوم الإنهاء” في 18 أكتوبر 2025، تدخل أوروبا والولايات المتحدة سباقاً حساساً ضد عقارب الساعة لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. فالهجمات الجوية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، والتي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة، قدمت فرصة نادرة لإعادة ضبط المسار، لكنها لن تعني الكثير ما لم يُرافقها تحرك دبلوماسي صارم لتفعيل ما يُعرف بـ”آلية العودة السريعة” (snapback) في مجلس الأمن.
في غياب هذا التحرك، ستُرفع القيود الأممية عن البرنامج النووي الإيراني بشكل نهائي، وتُغلق الأمم المتحدة ملف إيران النووي بالكامل، ما يمنح طهران حرية غير مسبوقة لتطوير أسلحة نووية وصواريخ باليستية.
الضربة الجوية نجحت.. ولكن الوقت لا ينتظر أحداً
يرى الكاتب غابرييل نورونها أن الضربات التي وجهتها إسرائيل والولايات المتحدة لمنشآت نووية وصاروخية إيرانية مؤخراً، لم تكن مجرد رد عسكري، بل كانت هجوماً استباقياً أنقذ العواصم الأوروبية من تهديد وشيك. فالصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية التي تضرب أوكرانيا حالياً، قد تصبح غداً محمّلة برؤوس نووية إذا لم يتم تقييد طهران بسرعة.
يوم الإنهاء: الموعد الحاسم
وفقاً لبنود الاتفاق النووي لعام 2015 (JCPOA)، فإن 18 أكتوبر 2025 هو “يوم الإنهاء”، حيث تنتهي صلاحية العقوبات الأممية على الأسلحة والصواريخ والأنشطة النووية. بعد هذا التاريخ، لن يكون هناك أي إطار قانوني دولي يُمكّن من إعادة فرض العقوبات. الأسوأ من ذلك أن إجراءات تفعيل آلية snapback تحتاج 30 يوماً على الأقل، ما يجعل المهلة الفعلية أمام أوروبا لا تتجاوز 10 سبتمبر 2025.
آلية العودة السريعة.. بيد أوروبا
رغم أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي عام 2018، إلا أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا (الترويكا الأوروبية) ما زالت أطرافاً موقعة. وبموجب الاتفاق، تملك هذه الدول الحق القانوني في تفعيل snapback وإعادة جميع العقوبات تلقائياً، دون الحاجة إلى تصويت في مجلس الأمن.
لكن حتى الآن، لم تظهر أي دولة أوروبية استعداداً سياسياً لخوض هذا الصدام الدبلوماسي مع روسيا والصين، رغم الانتهاكات الإيرانية المستمرة، وآخرها تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
السباق مع رئاسة مجلس الأمن
إحدى العقبات الكبرى التي تواجه snapback هي تناوب رئاسة مجلس الأمن. إذ تتولى باكستان الرئاسة في يوليو، وهي دولة تميل إلى الحياد أو دعم مواقف إيران أحياناً. الأسوأ أن روسيا ستتولى رئاسة المجلس في أكتوبر، ما يمنحها أدوات بيروقراطية لتعطيل أو إفراغ أي تحرك أوروبي من مضمونه.
اللجنة الفنية.. نقطة الضعف في العقوبات الأممية
حتى لو نجحت أوروبا في فرض snapback، فإن تطبيق العقوبات على الأرض يتطلب وجود “لجنة خبراء” تراقب الامتثال وتجمع الأدلة، كما كان معمولاً به قبل 2015. لكن روسيا، وفق التقرير، سبق أن استخدمت حق النقض (الفيتو) لعرقلة تجديد لجنة الخبراء الخاصة بكوريا الشمالية، ومن المرجح أن تفعل الشيء نفسه مع إيران، ما يعني أن العقوبات قد تُفرض شكلياً دون آلية فعلية لتطبيقها.
الحل البديل: تحالف غربي لتطبيق العقوبات دون الأمم المتحدة
أمام عرقلة روسية محتملة، يدعو التقرير إلى إنشاء ائتلاف دولي موازٍ للأمم المتحدة، يضم الدول الغربية وحلفاءها الراغبين في تنفيذ العقوبات على إيران بشكل مستقل. هذا التحالف سيعمل على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعقب شبكات التهريب، وتعزيز تطبيق العقوبات عبر القنوات الثنائية والإقليمية.
دور الكونغرس الأمريكي: التمويل والدعم الفني
يقترح الكاتب أن يقوم الكونغرس الأمريكي بتمويل برامج دعم فني للدول الشريكة، بما يشمل تدريب كوادر متخصصة في تتبع الأنشطة النووية، وتحليل الشحنات، وكشف أساليب التهرب من العقوبات. كما يُشجع على إنشاء وحدات مشتركة لمكافحة التهرب المالي الإيراني في المؤسسات الغربية.
الفرصة الأخيرة أمام أوروبا
يُحذر التقرير من أن أوروبا أضاعت عقداً من الزمن في مجاراة الابتزاز النووي الإيراني، واليوم لم يعد لديها سوى فرصة ضيقة لإثبات قدرتها على التحرك المستقل والحاسم. فإذا ما نجحت أوروبا في تفعيل snapback وفرض عقوبات فعلية، فإنها لا تحمي أمنها فقط، بل تفتح الباب لتعاون أعمق مع الإدارة الأمريكية الجديدة لمواجهة التهديدات الإقليمية الأوسع في الشرق الأوسط.