“قضية مويت هينيسي”: تحرش وتمييز وشبكة صمت تهز إمبراطورية LVMH
اتهامات لشركة LVMH بالتحرش الجنسي والتمييز ضد الموظفات السابقات

تكشف دعوى قضائية مرفوعة في باريس عن اتهامات بالتحرش الجنسي، والتمييز ضد النساء، والطرد التعسفي داخل شركة مويت هينيسي، الذراع المختصة بالمشروبات الكحولية التابعة لإمبراطورية LVMH الفرنسية الفاخرة. وتعد هذه القضية، التي فجّرتها ماريا غاسباروفيتش – الموظفة السابقة في منصب كبير موظفي التوزيع العالمي – أكثر من مجرد نزاع فردي، بل تعكس، بحسب شهادات من داخل الشركة، أزمة ثقافية أعمق داخل إحدى أكثر العلامات التجارية بريقًا في العالم.
تحرش وتمييز في قلب الشركة

تتهم غاسباروفيتش رؤساءها بطلب “تدريب على مقاومة الإغواء” كشرط للترقية، بعد أن اتهمها عميل ومديرها بأنها تحاول إغرائهم. تضمنت تصريحاتهم، بحسب أوراق المحكمة، أن العميل وصفها بأنها “تتوسل إليه جنسيًا”، بينما رد رئيسها قائلاً إنها تحتاج إلى “تدريب على مقاومة الإغواء” للترقي.
طرد وصف بـ”الانتقامي”

أُقيلت غاسباروفيتش بعد أربعة أشهر فقط من تقديمها بلاغًا داخليًا عن السلوكيات المسيئة. جاء في خطاب فصلها أنها قامت “بتهديد زملاء” و”انتحلت شخصية موظف آخر أثناء إجازة مرضية”. إلا أن غاسباروفيتش، التي تطالب بتعويض قدره 1.3 مليون يورو، تنفي كل المزاعم، وتؤكد أنها مارست حقها المشروع في الإبلاغ عن مخالفات داخلية.
ثقافة عمل مسمومة: شكاوى جماعية وإجازات مرضية بالجملة

ما كشفته غاسباروفيتش ليس استثناءً، بل جزء من سلسلة طويلة من الشكاوى. بحسب معلومات فاينانشيال تايمز، فإن أكثر من 20 موظفًا من مقر مويت هينيسي في باريس أخذوا إجازات مرضية طويلة في 2024، أغلبهم بسبب الضغط النفسي والتنمر. ووصفت موظفات سابقات الأجواء بأنها “نادي ذكوري” تنتشر فيه الشائعات الجنسية، حيث يختفي الموظفون “فجأة”، ويُجبر البعض على “اللعب حسب القواعد أو الخروج بصمت”.
صمت إداري وتحقيقات غائبة
رغم وجود شكاوى داخلية وتقديم بلاغات رسمية، لم تُجرِ الشركة أي تحقيق داخلي بشأن اتهامات غاسباروفيتش، بحسب أوراق المحكمة. وفي رسائل داخلية، حاولت الإدارة تهدئة الأجواء، نافية وجود تمييز أو تحرش، وأكدت أنها تتعامل مع كل قضية بـ”مهنية وسرية”، وهو ما شكك فيه العديد من الموظفين السابقين.
مطاردة قانونية للمُبلّغين
بدلاً من فتح تحقيق، رفعت مويت هينيسي دعوى تشهير ضد غاسباروفيتش بعد نشرها بعض المزاعم على وسائل التواصل. كما طُرد شريكها العاطفي مارك ستيد – المدير التشغيلي السابق – بعد دعمه لشهادتها، وتلاحقه الشركة بتهمة “خرق السرية”. بدوره رفع ستيد دعوى فصل تعسفي، مدعيًا أنه استُهدف بسبب دعمه لمُبلغة داخل الشركة.
اتهامات بشحن كحوليات لروسيا رغم العقوبات
ضمن ملفات البلاغات، اتهمت غاسباروفيتش الشركة بمتابعة تصدير منتجاتها الكحولية لروسيا، رغم إعلان LVMH تعليق نشاطها هناك في مارس 2022. وتشير وثائق مسربة إلى أن أكثر من 26 مليون يورو من الشحنات نُفذت عبر وسطاء أمريكيين، في عمليات وصفت داخليًا بـ”الطلبات الخاصة”، وإن لم تكن مخالفة رسميًا للعقوبات الأوروبية.
هزات إدارية واستقالات متتالية
في أعقاب الأزمة، شهدت الشركة استقالات كبيرة، منها الرئيس التنفيذي فيليب شوس، ومدير الموارد البشرية العالمية شانتال غيمبرل، والمدير العام جان مارك لاكاف، المتهم الرئيسي في ملف غاسباروفيتش. وفي فبراير 2025، تدخل نجل برنار أرنو – المالك الأكبر لمجموعة LVMH – لإعادة هيكلة وحدة المشروبات، في ظل أداء مالي متراجع وتسرب جماعي للكفاءات.
محاولات للإنكار والرد الإعلامي
في خطاب إنذار قانوني وجهته الشركة إلى غاسباروفيتش، اتهمتها بـ”استغلال صفة المُبلغ في سوء نية”، وبأنها “استفادت لسنوات من نفس الوقائع التي تدّعي اليوم التنديد بها”. إلا أن غاسباروفيتش تؤكد أن ما حدث هو محاولة منهجية لإسكاتها وتشويه سمعتها. وتقول: “الكرامة مهمة، وخاصة للنساء في أماكن العمل”.
أزمة أوسع من مجرد دعوى
ما بدأ كقضية تحرش فردية يتحوّل بسرعة إلى أزمة داخل واحدة من أكثر العلامات التجارية شهرة في العالم. شهادات الموظفين، والملاحقات القانونية، وتسريبات الوثائق، تكشف عن بيئة مهنية تبدو مشرقة من الخارج، لكنها قاتمة من الداخل. وإذا ثبتت الاتهامات، فإن LVMH لن تواجه مجرد انتقادات إعلامية، بل اهتزازًا حقيقيًا في صورتها المؤسسية العالمية.