الكرملين: نهج ترامب في التسوية يختلف عن الأوروبيين

في تصريحات جديدة نشرت اليوم الجمعة، أعرب المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن تقدير موسكو لما وصفه بـ”النهج المختلف” الذي يتبعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في التعامل مع الملف الأوكراني، مقارنة بما تقوم به الدول الأوروبية. وأشار بيسكوف في مقابلة مع صحيفة “أرغومنتي آي فاكتي” الروسية إلى أن الدول الأوروبية، على العكس، تبذل جهوداً لعرقلة التوصل إلى تسوية سلمية.
وقال بيسكوف: “إذا كان بمقدور ترامب مساعدتنا في تحقيق هذه الطرق السياسية والدبلوماسية، فإن مصالحنا تتطابق هنا، وهذا يمكن ويجب أن يكون محل ترحيب”، مما يعكس موقفًا غير معتاد من الكرملين تجاه شخصية أميركية بارزة
موقف موسكو من ترامب… تقارب مصالح أم مناورة سياسية؟
تصريحات بيسكوف تندرج ضمن مسار ملحوظ في الخطاب الروسي الرسمي الذي يُظهر انفتاحًا نسبيًا تجاه احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، مع التركيز على اختلاف مقاربته عن السياسات الغربية التقليدية. وتستغل موسكو تذبذب المواقف الأميركية، لا سيما خلال الحملات الانتخابية، لتعزيز روايتها بأن الانقسام الغربي يعرقل الحلول السلمية.
من منظور دبلوماسي، يشير تعليق بيسكوف إلى أن روسيا تراهن على وجود قنوات تفاهم محتملة مع إدارة ترامب في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بخلاف الإدارة الحالية التي تتبنى موقفًا داعمًا بشدة لأوكرانيا.
انتقادات أوروبية متوقعة لحديث الكرملين
من المرجح أن تثير هذه التصريحات الروسية استياءًا في العواصم الأوروبية، خاصةً وأنها تتهمها بشكل مباشر بعرقلة جهود السلام. فالاتحاد الأوروبي يكرّر باستمرار أن شروط التسوية يجب أن تقوم على احترام وحدة أراضي أوكرانيا، ويحمّل روسيا المسؤولية عن العدوان وجرائم الحرب المزعومة.
الإشارة إلى أن الدول الأوروبية “تفعل كل ما في وسعها” لعرقلة الحلول، تُمثل تصعيدًا كلاميًا يستهدف النيل من شرعية الموقف الأوروبي، وقد تؤثر على التنسيق الأوروبي-الأميركي بشأن الملف الأوكراني، خصوصًا إذا ما تصاعد الجدل حول دور ترامب.
ترامب وموقفه المتأرجح من بوتين والحرب
من جهة أخرى، لا تزال مواقف ترامب بشأن روسيا والحرب في أوكرانيا مثيرة للجدل في الداخل الأميركي. ففي حين أعرب في أكثر من مناسبة عن ثقته بأن بوتين يريد إنهاء الحرب، عاد في تصريحات أخرى لينتقده بشدة بسبب قصف المدنيين في المدن الأوكرانية. هذا التناقض في التصريحات يثير قلقًا لدى حلفاء واشنطن الأوروبيين، الذين يرون أن مثل هذا التذبذب قد يقوّض الدعم الغربي الموحد لكييف.
قراءة في خلفيات التصريح
توقيت التصريح الروسي ليس بريئًا، ويأتي في ظل اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، حيث تحاول موسكو على ما يبدو استباق الأحداث عبر رسم صورة لترامب كشريك “ممكن” في عملية تسوية سياسية، رغم العداء الظاهري في فترات سابقة. كما يعكس ذلك محاولة لاستثمار الانقسام داخل الغرب بين تيارات أكثر تصعيدًا، وتيارات تنادي بالحوار أو خفض التصعيد.
في المجمل، يُظهر التصريح ملامح استراتيجية إعلامية روسية تحاول إعادة تشكيل المشهد السياسي الدولي لصالحها، مع الاستعداد لمختلف السيناريوهات الانتخابية الأميركية، واستمرارها في تحميل الغرب مسؤولية استمرار الحرب.