فرنسا توقف قبطان ناقلة نفط مرتبطة بـ”الأسطول الشبح” الروسي بعد توغلات الدرون في الدنمارك

في خطوة تُبرز تصاعد القلق الأوروبي من التهديدات الروسية غير التقليدية، أوقفت السلطات الفرنسية قبطان ناقلة نفط يُشتبه بانتمائها إلى ما يُعرف بـ”الأسطول الشبح” الروسي، وذلك عقب تحركات مشبوهة قرب السواحل الدنماركية تزامنت مع رصد طائرات مسيّرة اخترقت المجال الجوي للبلاد. وأثارت الحادثة مخاوف واسعة من أن تكون جزءًا من أنشطة خفية تندرج ضمن ما يسميه الخبراء بـ”الحرب الهجينة”، التي يتهم الغرب موسكو باستخدامها لإرباك دفاعاته عبر الجمع بين الوسائل العسكرية والاستخباراتية والتكنولوجية في آنٍ واحد.
تفاصيل التوقيف ومخالفات بحرية خطيرة
ذكرت السلطات الفرنسية أن القبطان وعضوًا آخر من طاقمه احتُجزا للتحقيق في مخالفات بحرية خطيرة، أبرزها رفض الامتثال لأوامر الشرطة البحرية وعدم تحديد جنسية السفينة بوضوح. وتبحر الناقلة، التي يبلغ طولها 244 مترًا، تحت علم بنين رغم إدراجها على قوائم العقوبات الأوروبية والبريطانية. السفينة عُرفت بأسماء متعددة مثل Pushpa وBoracay، وأثارت الشكوك بعد أن أظهرت إشارات تعقبها البحرية “AIS” أنماطًا غير متسقة، ما يشير إلى احتمال التلاعب المتعمّد لإخفاء موقعها الحقيقي وهويتها التشغيلية.
ارتباط محتمل بتوغلات الدرون في الدنمارك
وفقًا لتقارير مراقبة بحرية، رُصدت السفينة قرب سواحل الدنمارك في الأسبوع نفسه الذي ظهرت فيه مسيّرات كبيرة فوق مواقع عسكرية ومطارات في البلاد. ورغم عدم تأكيد وجود صلة مباشرة بين الحدثين، يرى خبراء أن نمط تحركات السفينة يحمل تشابهًا واضحًا مع أنشطة سابقة للأسطول الشبح، الذي يُشتبه في تورطه بحوادث تخريب للبنية التحتية في بحر البلطيق. وتزايدت الشكوك بعدما تبين أن السفينة استخدمت مسارات ملاحية غير تقليدية مع تغييرات متكررة في إشاراتها، ما يوحي بدور محتمل في دعم عمليات استطلاع أو مراقبة مرتبطة بتوغلات الطائرات المسيّرة.

الموقف الأوروبي يتشدّد
تطورات القضية دفعت قادة أوروبيين إلى اتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه “الأسطول الشبح”. فقد وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التوقيف بأنه “تحرك ضروري ضد مخالفات خطيرة”، مؤكدًا أن باريس لن تتهاون مع أي نشاط يهدد أمن أوروبا البحري. أما رئيس الوزراء البريطاني كيير ستارمر فدعا من كوبنهاغن إلى تعزيز المراقبة البحرية والتنسيق الاستخباراتي لمواجهة هذا النوع من التهديدات. من جانبها، شددت رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن على أن بلادها تواجه “مشكلات كبيرة” مع هذه السفن التي تعمل بطرق ملتوية في بحر البلطيق.
تصعيد في حرب الظل الروسية
يُعرف “الأسطول الشبح” بأنه شبكة ناقلات روسية ظهرت بعد غزو أوكرانيا عام 2022، وتستخدم هويات مزيفة وأعلام دول صغيرة للتحايل على العقوبات الغربية. وتُتهم بعض سفنه بالمشاركة في أنشطة سرية تشمل نقل النفط المحظور أو دعم عمليات استطلاع باستخدام طائرات مسيّرة تُطلق من على متنها. ويصف الخبراء هذا النمط بأنه شكل من أشكال “حرب الظل” التي تخوضها موسكو في مواجهة أوروبا، حيث تجمع بين الأدوات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية لتحقيق أهدافها دون الدخول في مواجهة مباشرة.
تحرك أوروبي أكثر صرامة
توقيف القبطان يمثل رسالة قوية من فرنسا بأن أنشطة “الأسطول الشبح” لن تمر دون رد. وتعمل باريس بالتعاون مع كوبنهاغن ولندن وبرلين على تعزيز الرقابة في بحر البلطيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية لملاحقة السفن المشبوهة. ويرى مراقبون أن هذا التحرك قد يشكّل بداية لاستراتيجية أوروبية أوسع لمواجهة الحرب الهجينة التي أصبحت تهديدًا متعدد الأبعاد يمتد من أعماق البحر إلى الفضاء الإلكتروني، في وقت تتزايد فيه مؤشرات التصعيد الروسي ضد المصالح الغربية.