خاص لـ«العالم في دقائق» | خبير اقتصادي: سد النهضة وليبيا وفلسطين تحدد ملامح اقتصاد مصر في 2025
دراسة تحليلية تسلط الضوء على أبرز التحديات التي تواجه مصر في محيطها الإقليمي وانعكاساتها على الأمن القومي والسياسات الاقتصادية والدبلوماسية

تلعب مصر دورًا محوريًا في قلب إقليم يتسم بالتحولات العميقة والصراعات المتشابكة، حيث لا تملك ترف الانعزال عن محيطها، بل تفرض الجغرافيا والتاريخ والسياسة أن تكون لاعبًا رئيسيًا في معادلاته المتغيرة.
وفي ظل التحديات الممتدة من أزمة سد النهضة إلى الوضع المتفجر في ليبيا، مرورًا بالقضية الفلسطينية، والتمدد التركي، والتقلبات المتسارعة في السودان، تجد القاهرة نفسها مطالبة بسياسات خارجية مرنة وتحركات داخلية مدروسة لحماية أمنها القومي.
في هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي د. خالد فواز لموقع “العالم في دقائق” أن مصر تواجه تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على أمنها واقتصادها، ما يستدعي استجابات استراتيجية شاملة ومتعددة الأدوات.
سد النهضة الإثيوبي.. تهديد وجودي وحراك دبلوماسي
وتعد أزمة سد النهضة أحد أخطر التحديات المائية التي واجهت مصر خلال العقود الأخيرة.
وبناء السد من قِبل إثيوبيا على النيل الأزرق يمثل تهديدًا للحصة المائية المصرية التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا. وفي مواجهة هذا التهديد، عززت مصر دبلوماسيتها الأفريقية، ووسعت تحركاتها في الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى اللجوء للمنصات الدولية.
وعلى الصعيد الداخلي، كثفت الدولة مشاريعها في تحلية المياه، وتبطين الترع، وتحديث أساليب الري، بهدف تقليل الاعتماد على مياه النيل.
الصراع الليبي.. تحدٍ أمني واقتصادي على حدود مصر
الوضع غير المستقر في ليبيا، مع أكثر من 1000 كم من الحدود المشتركة، يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
وفانتشار الميليشيات وتدفق العناصر المسلحة، دفع مصر إلى تكثيف تواجدها العسكري على الحدود الغربية.
وكما دعمت القاهرة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، في مواجهة ميليشيات مدعومة من دول مثل تركيا وقطر.
وبجانب التحديات الأمنية، ترى مصر في استقرار ليبيا فرصة اقتصادية لإعادة الإعمار وتعزيز الاستثمارات المصرية.
القضية الفلسطينية.. البُعد الأمني والدبلوماسي 
تحتل القضية الفلسطينية مكانة خاصة في السياسة المصرية، خصوصًا ما يتعلق بقطاع غزة المتاخم لسيناء.
وفقد أدى الحصار والنزاع إلى نشاط تهريب غير مشروع عبر الأنفاق، مما تسبب في تهديد أمني داخلي.
وقدمت مصر نفسها كوسيط رئيسي في جهود التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ما عزز دورها الإقليمي وأعاد جزءًا من نفوذها العربي.
التمدد التركي.. صراع على النفوذ في المتوسط
شهدت المنطقة توترًا متصاعدًا إثر توقيع تركيا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية في 2019، ما اعتبرته مصر اعتداءً على حقوقها في شرق المتوسط.
وردًا على ذلك، تحركت القاهرة لتكوين تحالفات ضمن منتدى غاز شرق المتوسط مع اليونان وقبرص وإسرائيل، لتحقيق توازن استراتيجي في مواجهة السياسات التركية.
السودان.. أزمات متلاحقة وقلق دائم
التطورات السياسية في السودان، خاصة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، كان لها انعكاسات مباشرة على مصر، من تهريب السلاح إلى ارتفاع معدل الهجرة غير الشرعية.
وتهتم مصر باستقرار السودان ليس فقط لاعتبارات الجوار، بل أيضًا لأهميته في ملف مياه النيل.
وكما تحاول القاهرة لعب دور الوسيط بين الأطراف السودانية، بالتنسيق مع دول عربية وأفريقية ودولية.
وتثبت هذه القضايا أن مصر لا يمكن أن تنعزل عن محيطها، بل هي جزء فاعل ومؤثر في منطقة تعج بالتغيرات.
ويتجلى حرص الدولة المصرية على استخدام أدوات متعددة، دبلوماسية وأمنية واقتصادية، لضمان استقرارها الداخلي والدفاع عن مصالحها الحيوية في بيئة إقليمية لا تهدأ.