الوكالات

تسريب صوتي يورط الشيخه حسينه في مجزرة بنغلاديش: أينما وجدتموهم.. أطلقوا النار

"تسريب صوتي يورّط الشيخة حسينة في مجزرة بنغلاديش"

في تسجيل صوتي مسرّب وصفته BBC بأنه موثّق ومحلل من قبل خبراء، تُسمع الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة، وهي تأمر قوات الأمن باستخدام الأسلحة القاتلة ضد متظاهرين طلابيين العام الماضي، في أكثر الاحتجاجات دموية منذ حرب استقلال البلاد عام 1971.

 

“أينما وجدوهم، سيطلقون النار” – كانت هذه العبارة من أبرز ما ورد في المكالمة التي فُسّرت على نطاق واسع بأنها أمر مباشر بالقتل، وجاءت وسط تصاعد الغضب الشعبي عقب توثيق حالات قتل على يد الشرطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

التسجيل، الذي تحقق منه خبراء BBC وفرق تحقيق جنائي صوتي دولية، يُستخدم الآن كدليل رئيسي في محاكمة حسينة الغيابية أمام محكمة جرائم ضد الإنسانية في دكا، حيث تواجه اتهامات تتراوح بين التحريض، والتآمر، والفشل في منع القتل الجماعي.

 

1,400 قتيل و”ليلة السقوط”

الاحتجاجات التي بدأت في يوليو 2024 ضد نظام “الكوتة” في الوظائف الحكومية، تطورت سريعًا إلى انتفاضة شعبية واسعة أدت إلى سقوط حكومة حسينة بعد 15 عامًا في الحكم، وفرارها بطائرة مروحية من مقرها في العاصمة دكا، في 5 أغسطس، قبل أن يقتحم المتظاهرون القصر.

تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن 1,400 شخص قتلوا خلال 36 يومًا من الاضطرابات، من بينهم 52 في مجزرة واحدة وقعت في حي “جاتراباري”، وثقتها BBC باستخدام لقطات شهود عيان، وكاميرات مراقبة، وصور جوية بطائرات درون.

تحليل الصوت: تأكيدات علمية

الشريط الصوتي الذي يعود إلى مكالمة بتاريخ 18 يوليو 2024، يُعدّ حتى الآن أقوى دليل مباشر على تورط حسينة في إعطاء أوامر باستخدام القوة القاتلة. وقد تم التحقق من صوته عبر:

 

المطابقة الصوتية من قبل قسم التحقيقات الجنائية في الشرطة البنغالية.

تحليل مستقل من فريق “Earshot” المتخصص في الأدلة الصوتية، الذي أكد أن التسجيل “لم يتم التلاعب به أو تركيبه أو توليده رقمياً”.

وجود “تردد الشبكة الكهربائية” (ENF) في الخلفية، وهي علامة فنية دقيقة على أصالة التسجيل.

 

رد الحكومة السابقة: “نوايا حسنة”

رغم فداحة الأدلة، نفى المتحدث باسم حزب “رابطة عوامي” أن يكون التسجيل يُظهر “نية غير قانونية أو رد فعل غير متناسب”، مضيفًا أن “القرارات الحكومية كانت تهدف لحماية الأرواح لا العكس”.

لكن، وبحسب المحامي البريطاني المتخصص في القانون الدولي توبي كادمان، فإن “التسجيلات واضحة، وموثّقة جيدًا، وتدعمها أدلة أخرى عديدة، وهي حاسمة في إدانة الشيخة حسينة”.

 

تسريبات أخرى وشبكة مراقبة حكومية

BBC كشفت أن هذه المكالمة واحدة من عدة مكالمات سجلتها “الهيئة الوطنية لمراقبة الاتصالات” (NTMC)، وهي جهة حكومية مختصة بتعقب المحادثات الهاتفية، ما يطرح تساؤلات عن وجود جهات داخل النظام نفسه تقف وراء التسريب، ربما بعد سقوط النظام.

دور الشرطة والجيش: نار ثم هروب

المجزرة التي وقعت في “جاتراباري” يوم 5 أغسطس 2024، وثقتها BBC بالتفصيل:

 

أطلقت الشرطة النار بشكل عشوائي على المتظاهرين بعد انسحاب الجيش من المنطقة.

استمر إطلاق النار لمدة 30 دقيقة، فيما حاول المتظاهرون الفرار عبر الأزقة والطرق السريعة.

لاحقًا، فرّ عناصر الشرطة أنفسهم إلى معسكر للجيش طلبًا للحماية.

انتقم المتظاهرون بعد ساعات، بإحراق مركز الشرطة في المنطقة.

وقد اعتُقل 60 ضابط شرطة لدورهم في العنف، بحسب متحدث باسم الشرطة، الذي وصف الحادث بأنه “مؤسف وتم تجاوزه الآن بتحقيقات نزيهة”.

 

هل تُسلَّم حسينة؟ الهند ترفض التعاون

الشيخة حسينة تقيم حاليًا في الهند، التي رفضت رسميًا طلب بنغلاديش تسليمها، مما يرجح أن تبقى المحاكمة غيابية.

وتؤكد المحكمة أنها لن تتوقف عند حسينة وحدها، حيث تم اتهام 203 شخصًا، من بينهم مسؤولون حكوميون وضباط أمن رفيعو المستوى، و73 منهم قيد الاحتجاز حاليًا.

ما بعد حسينة: حكومة انتقالية بقيادة محمد يونس

تدير البلاد الآن حكومة انتقالية برئاسة محمد يونس، الحائز على نوبل للسلام، والتي تستعد لإجراء انتخابات عامة، وسط حالة من الغموض حول ما إذا كان سيسمح لحزب حسينة بالمشاركة.

خلاصة

تكشف هذه التحقيقات عن صورة مروعة لأقصى درجات القمع السياسي في جنوب آسيا، وتضع زعيمة حكمت بلادها لعقد ونصف في قلب مسؤولية مجازر غير مسبوقة. وبينما ينتظر الضحايا العدالة، تزداد الضغوط الدولية، وسط صمت رسمي من الجيش البنغالي، وارتباك في الموقف الهندي.

 

ويبقى السؤال: هل تكون هذه التسجيلات بداية لمحاسبة تاريخية، أم مجرد وثيقة جديدة تُضاف إلى أرشيف إفلات الطغاة من العقاب؟

أقرأ أيضا:

هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها دون الولايات المتحدة ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى