فضيحة شركة BCG: تورط في مشروع تهجير فلسطيني بغزة يهز الثقة
استقالات وانتقادات حادة بعد الكشف عن تفاصيل المشروع المثير للجدل

في اعتراف صريح بالضرر العميق الذي لحق بسمعة شركة “مجموعة بوسطن للاستشارات” (BCG)، قال مديرها التنفيذي كريستوف شوَيتسر إن تورط الشركة في مشروع ما بعد الحرب في غزة، والذي تضمن تصورات لـ”نقل ربع السكان”، كان “مدمرًا على مستوى السمعة”، معربًا عن أسفه العميق لسلوك بعض شركاء الشركة، ومؤكدًا أن الأمر وقع نتيجة “سوء تصرف فردي متعمد”، بحسب وصفه.
مشروع ظلّي يقوّض عقودًا من الشراكة الخيرية
جاءت هذه التصريحات بعد أن أعلنت منظمة “أنقذوا الأطفال” (Save the Children)، إحدى أبرز المؤسسات الخيرية في العالم، تعليق شراكتها الطويلة مع BCG، والتي امتدت لأكثر من عقدين، إثر اكتشاف أن الشركة ساعدت في تصميم نموذج مالي لإعادة توطين الفلسطينيين خارج قطاع غزة، ضمن تصورات لإعادة إعماره.
رأى المديرة التنفيذية
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، إنغر آشنغ، في مذكرة داخلية لموظفيها: “نشعر بالذهول والاشمئزاز من حقيقة أن BCG لعبت دورًا في وضع نماذج لتكلفة نقل السكان. لقد تحركنا فورًا لتعليق كل أشكال التعاون معهم حتى اتضاح نتائج التحقيقات.”
“جريمة سمعة” غير قابلة للمحو
في رسالة وجهها إلى خريجي الشركة وموظفيها السابقين، وصف شوَيتسر ما حدث بأنه “تقصير جماعي أتاح لشريك أن ينفذ مشروعًا محظورًا”، مضيفًا أن هذا الشريك قام بتشكيل فريق صغير خارج نطاق النظام الرسمي للشركة، لتنفيذ العمل دون إشراف مؤسسي أو موافقة إدارية. وعلى الرغم من أن المشروع لم يُعتمد رسميًا ضمن مشاريع BCG، فإن شوَيتسر أقر بأن “الارتباط به حقيقي، ومؤلم، ويشكل ضربة موجعة لسمعة الشركة”.
وقد تم فصل اثنين من الشركاء الرئيسيين في هذا المشروع خلال شهر يونيو الماضي، بعد أن كشف تحقيق نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن الفريق قد ساهم في تصور خطة لبناء “محور تجاري إقليمي” في غزة، يتطلب تهجير جزء من سكانها.
أزمة إنسانية وأبعاد سياسية
تفجّرت الأزمة بعد الكشف عن دور BCG في ما يسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي مبادرة قيل إنها تهدف إلى إيصال المساعدات، لكنها ارتبطت لاحقًا بتقارير عن مشاركة جهات أمنية وعسكرية إسرائيلية، ومقتل مئات الفلسطينيين خلال عمليات التوزيع، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وبحسب تقارير “فايننشال تايمز”، فإن مسؤولي BCG أجروا نقاشات رفيعة المستوى بشأن هذا المشروع، وإن كانوا قد “خُدعوا”، على حد تعبير الشركة، بشأن طبيعة المشاركة وأهداف المشروع.
من جهتها، قالت منظمة “أنقذوا الأطفال” إن التحذيرات كانت قائمة منذ البداية، حيث حذّرت من أن توزيع المساعدات ضمن إطار عسكري سيؤدي إلى “عواقب كارثية”. وأضافت: “نحن مستمرون في عملنا الإنساني في غزة، وفقًا لمبادئ الاستقلال والنزاهة وعدم التسييس.”
تبعات استراتيجية وأخلاقية
تحظى BCG بعلاقات استراتيجية مع منظمات خيرية حول العالم، وكانت شراكتها مع “أنقذوا الأطفال” تشمل استشارات مجانية أو منخفضة التكاليف في مجالات الاستجابة للطوارئ وتطوير البرامج الخاصة باللاجئين. وقد أكدت الشركة أنها “تثمّن هذه الشراكة وتأمل في استمرارها مستقبلاً”، إلا أن بيان “أنقذوا الأطفال” يشير إلى أن عودة التعاون ستكون مشروطة بنتائج التحقيق الداخلي.
في ختام رسالته
قال شويستر ندرك أن ما حدث كان مؤلمًا جدًا، خاصة للموظفين والخبراء ذوي الأصول الفلسطينية. لقد خذلنا قيمنا وثقة عملائنا ومجتمعاتنا. وسنعمل على تصحيح المسار بجديّة لا هوادة فيها.