كيف تفتح تحقيقا في جرائم حرب ضد مدير سجن روسي سيئ السمعة
ندرة المساكن الاجتماعية: تحديات الإسكان في بريطانيا بعد سياسة 'الحق في الشراء

في تصعيد قانوني جديد، أعلنت السلطات الأوكرانية فتح تحقيق رسمي في جرائم حرب ضد ألكسندر شتودا، مدير سجن “سيزو 2” سيئ السمعة في مدينة تاغانروغ الروسية، القريب من الحدود مع أوكرانيا. القرار يأتي على خلفية اتهامات متزايدة بتورط شتودا ومسؤولين آخرين في ممارسة ممنهجة للتعذيب والتجويع بحق مئات المحتجزين الأوكرانيين، بمن فيهم المدنيون. الإعلان تزامن مع اقتراب موعد جنازة الصحفية الأوكرانية المغدورة فيكتوريا روشينا، التي أمضت قرابة تسعة أشهر في السجن قبل أن يُسترد جثمانها وعليه آثار تعذيب جسيم.
من سجن للأمهات إلى مركز للتعذيب
تحول سجن “سيزو 2″، الذي كان مخصصًا قبل الحرب للفتيات القاصرات والأمهات مع أطفالهن، إلى مركز لاحتجاز وتعذيب أسرى الحرب والمدنيين بعد الغزو الروسي الشامل. ألكسندر شتودا تولى إدارته رسميًا في أكتوبر 2022، حيث يُتهم بأنه أسّس بنية كاملة من القمع والانتهاكات داخل المنشأة، تحت إشرافه المباشر، ما يمثل خرقًا صريحًا لاتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي.
التحقيق يكشف تفاصيل مروعة
التحقيق الذي أعلنته الشرطة الأوكرانية بدعم من أجهزة الاستخبارات العسكرية، توصل إلى أن المعتقلين داخل سجن تاغانروغ، وعلى رأسهم الصحفية روشينا، تعرضوا لـ”تعذيب منهجي، حرمان من الغذاء والماء والعلاج، إذلال مستمر، وحرمان من النوم أو الجلوس طوال النهار”. كما أكدت الأدلة أن شتودا نفسه أصدر أوامر مباشرة إلى مرؤوسيه باستخدام الضغط الجسدي والنفسي لإجبار روشينا على التعاون.
فيكتوريا روشينا.. رمز للمأساة والصمود
كانت الصحفية فيكتوريا روشينا تعمل سرًا في المناطق المحتلة حين تم احتجازها ونقلها إلى تاغانروغ. آخر ظهور لها كان في 8 سبتمبر 2024، قبل أن يُسترد جثمانها إلى كييف محملًا بآثار تعذيب مروّعة. وعلى الرغم من الغموض المحيط بتفاصيل وفاتها، فقد قرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منحها وسام الحرية تكريمًا لعملها وتضحيتها.
توثيق الاتهام وبدء المرحلة القضائية
النيابة الأوكرانية أصدرت ما يُعرف بـ”إشعار اشتباه رسمي” ضد شتودا، وهي خطوة قانونية تعني بدء المرحلة التحقيقية ما قبل المحاكمة، وقد تُفضي إلى توجيه لائحة اتهام رسمية ومطالبة بمحاكمة المتهم. ورغم تواجد شتودا خارج الأراضي الأوكرانية، فإن القانون يسمح بملاحقته ومحاكمته غيابيًا.
ردود فعل دولية وترحيب من المنظمات الحقوقية
من جهتها، اعتبرت منظمة “مراسلون بلا حدود” القرار الأوكراني “خطوة أولى نحو العدالة”، داعية إلى “محاسبة كل من شارك أو تستر على الجريمة”، مؤكدة أن “صمت المتورطين لم يعد مقبولًا”. ويُتوقع أن تثير القضية ضغوطًا دولية متزايدة على روسيا بشأن معاملة الأسرى المدنيين، وفتح باب المساءلة القضائية في محاكم دولية أو أوكرانية.
خلاصة: بداية الطريق الطويل نحو المحاسبة
يُعد فتح التحقيق بحق شتودا، بصفته مسؤولًا رفيعًا في مؤسسة عقابية روسية، مؤشرًا على عزم أوكرانيا تحويل الأدلة والشهادات إلى مسارات قانونية رادعة، وإرسال رسالة واضحة مفادها أن الانتهاكات لن تمر بلا عقاب، حتى وإن استغرق المسار سنوات. فيكتوريا روشينا تحولت إلى رمز للألم، لكن أيضًا للأمل في أن تُكتب فصول من العدالة في زمن الظلم.