عربي وعالمي

قاضٍ فيدرالي يأمر بإغلاق “أليغاتور ألكاتراز”: انتصار للبيئة وضربة لأجندة ترمب للهجرة

في قرار وُصف بـ”التاريخي”، أصدر القاضي الفيدرالي كاثلين ويليامز في ميامي حكمًا يقضي بإغلاق ما عُرف إعلاميًا بـ”أليغاتور ألكاتراز”، وهو معسكر احتجاز مهاجرين أقامته إدارة ترمب بسرعة مثيرة للجدل في قلب أراضي إيفرغليدز الحساسة بيئيًا. ويمنح الحكم مهلة لا تتجاوز 60 يومًا لتفكيك المنشأة وإزالة كل البنى التحتية التي حوّلت الموقع إلى مركز احتجاز، مع حظر إدخال أي موقوفين جدد في الفترة المتبقية.

 

خلفية: معسكر بُني على عجل في قلب محمية وطنية

 

المعسكر شُيّد في غضون ثمانية أيام فقط على أرض مطار مهجور داخل محمية طبيعية تُعد من أكثر النظم البيئية هشاشة في الولايات المتحدة. السلطات الفيدرالية والولاية بررت الخطوة بالحاجة الملحة لاستيعاب تدفق المهاجرين، لكن المنظمات الحقوقية والبيئية رأت فيها تعديًا مزدوجًا: على حقوق الإنسان من جهة، وعلى البيئة الفريدة من نوعها في إيفرغليدز من جهة أخرى.

 

وسُجّلت انتهاكات عديدة داخل السجن: ظروف احتجاز قاسية، تقارير عن سوء معاملة، وحرمان الموقوفين من الإجراءات القانونية الكاملة قبل الترحيل. رغم ذلك، دافع الرئيس ترمب مرارًا عن المعسكر، واصفًا المحتجزين فيه بأنهم “من أخطر الناس على كوكب الأرض”، بينما أظهرت البيانات أن مئات منهم ليست ضدهم أي ملفات جنائية.

 

الأساس القانوني للحكم: البيئة أولاً

 

في 82 صفحة، استندت القاضية ويليامز إلى جملة من القوانين الفيدرالية الخاصة بحماية البيئة، مؤكدة أن بناء السجن أضرّ بشكل “جسيم ولا يمكن إصلاحه” بالنظام البيئي لإيفرغليدز. وذكّرت بتاريخ طويل من القرارات السياسية التي رفضت مشاريع تطوير كبرى في المنطقة (مثل مشروع مطار ضخم في ستينيات القرن الماضي) لحماية الأراضي الرطبة والأنواع المهددة.

 

وقالت القاضية في حكمها:

 

“كل حاكم لفلوريدا، وكل سيناتور، ورؤساء أمريكيون، تعهدوا بحماية إيفرغليدز. إن هذا القرار لا يفعل أكثر من تطبيق أبسط متطلبات تلك الوعود.”

 

انتصار للبيئة والحقوق معًا

 

القرار شكّل انتصارًا مزدوجًا:

 

بيئيًا: اعتُبر “علامة فارقة” من قِبل تحالف يضم منظمات حماية الطبيعة مثل أصدقاء إيفرغليدز، إضافة إلى قبيلة من السكان الأصليين التي رأت في بناء السجن تعديًا على أرض أجدادها.

 

حقوقيًا: مثّل ضربة جديدة لسياسات الاحتجاز الجماعي التي تبناها ترمب، والتي وُجهت لها اتهامات بتجريم الهجرة واستخدام السجون كأداة سياسية للردع.

 

إيف سامبلز، المديرة التنفيذية لـأصدقاء إيفرغليدز، قالت عقب صدور الحكم:

 

“هذا انتصار تاريخي للإيفرغليدز وللأمريكيين الذين يرون أن هذه الأراضي المهددة يجب أن تُحمى لا أن تُستغل. الرسالة واضحة: القوانين البيئية ملزمة حتى لرؤساء البلاد.”

 

التداعيات السياسية: مواجهة بين القضاء والإدارة

 

من الناحية السياسية، يشكّل الحكم انتكاسة مباشرة لأجندة ترمب الذي جعل من بناء مرافق احتجاز إضافية محورًا لخطابه الانتخابي ووسيلة لإظهار حزمه في ملف الهجرة. ومع أن الإدارة لم تُصدر ردًا رسميًا بعد، فإن محامي ولاية فلوريدا تعهّدوا بالطعن في الحكم.

 

حاكم الولاية رون ديسانتيس لم يتأخر عن الرد، إذ أعلن مؤخرًا عن خطط لافتتاح مركز احتجاز جديد في سجن مهجور قرب غينسفيل لتعويض الطاقة الاستيعابية المفقودة. وهو ما يشير إلى أن المعركة حول سياسة الاحتجاز لن تنتهي بإغلاق “أليغاتور ألكاتراز”.

 

البُعد الإنساني: المعتقلون بين النقل والترحيل

 

قبل أيام من صدور الحكم النهائي، نُقل مئات المعتقلين بالفعل إلى مراكز احتجاز أخرى داخل فلوريدا وخارجها، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها اعتراف ضمني من السلطات بأن قرار الإغلاق كان مرجحًا. ومع بقاء نحو 700 محتجز في الموقع، تثار تساؤلات حول مصيرهم في ظل أوضاع معقدة بين الترحيل والإجراءات القانونية المعلقة.

 

انعكاسات أوسع: هل يتكرر المشهد؟

 

القضية تتجاوز حدود فلوريدا. فهي تفتح الباب أمام:

 

إعادة تقييم مواقع سجون الهجرة الأخرى التي أُنشئت على عجل وبموارد غير كافية.

 

تعزيز مكانة القضاء كجهة ضابطة لقرارات السلطة التنفيذية حين تتجاوز القوانين البيئية أو الحقوقية.

 

إحياء النقاش حول العلاقة بين سياسات الهجرة الصارمة وحماية حقوق المهاجرين في الولايات المتحدة.

 

خلاصة

 

إغلاق “أليغاتور ألكاتراز” لا يُعد فقط نهاية لواحد من أكثر السجون إثارة للجدل في عهد ترمب، بل يمثل أيضًا لحظة فاصلة في الصراع بين البيئة والسياسة، وبين السلطة التنفيذية والرقابة القضائية. فبينما يرى مؤيدو القرار أنه انتصار للقانون ولحماية الطبيعة، يعتبره معارضوه تهديدًا لأدوات الدولة في مواجهة الهجرة غير النظامية.

 

ومهما كانت تداعياته المستقبلية، يبقى الحكم شاهدًا على أن حتى أكثر السياسات صرامة لا يمكن أن تتجاوز القانون والدستور، وأن الأراضي الرطبة لإيفرغليدز ليست مجرد مساحة جغرافية، بل رمزًا أمريكيًا لصراع طويل بين الاستغلال والحماية.

إقرأ ايضَا:

الهند تختبر بنجاح صاروخاً باليستيا قادراً على حمل رؤوس نووية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى