أوبك+ تعتمد زيادة حذرة في الإنتاج وسط تقلبات الأسواق

أقرّ تحالف “أوبك+” زيادة طفيفة في إنتاج النفط بمقدار 137 ألف برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر، وذلك بعد أيام من التكهنات التي تحدثت عن احتمال رفع أكبر بكثير في الإنتاج. وقد أثارت هذه الشائعات حالة من الارتباك في الأسواق، تسببت بانخفاض حاد في أسعار خام برنت بأكثر من 8% لتغلق تحت مستوى 65 دولارًا للبرميل، مسجلة أكبر تراجع أسبوعي منذ ثلاثة أشهر.
التحالف وصف تلك التقارير بأنها “غير دقيقة ومضللة”، مؤكدًا أن القرار الفعلي يعكس توجها استراتيجيًا أكثر من كونه تغييرًا فعليًا في كميات الإمداد، في محاولة لتهدئة الأسواق وطمأنة المستثمرين.
الرسالة أهم من عدد البراميل
وفقًا لخورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة “ريستاد إنرجي” والمستشار السابق في أوبك، فإن الهدف من هذا القرار لم يكن بالأساس زيادة العرض، بل إيصال رسالة للسوق. وقال:
“القرار اليوم لم يكن متعلقًا بعدد البراميل بقدر ما كان متعلقًا بالرسالة التي يوجهها إلى السوق. أوبك+ تصرفت بحذر بعد أن رأت مدى توتر المتعاملين.”
تُظهر هذه المقاربة الحذرة رغبة التحالف في الموازنة بين استقرار الأسعار والتعامل مع الضغوط السياسية والاقتصادية العالمية المتزايدة.
استجابة غير مباشرة للضغوط الأمريكية
الزيادة المحدودة قد تُفسر على أنها تنازل رمزي يهدف إلى إرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالما طالب أوبك+ بزيادة الإمدادات لخفض الأسعار، والحد من إيرادات روسيا النفطية في خضم العقوبات الغربية بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، حيث من المتوقع أن يزور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واشنطن في نوفمبر، في زيارة يُنظر إليها كمؤشر على تنسيق سياسي واقتصادي متزايد بين البلدين، خاصة في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تحسين تدريجي في مستويات الإنتاج رغم التحديات
منذ مارس الماضي، رفع تحالف أوبك+ سقف إنتاجه الجماعي بحوالي 2.67 مليون برميل يوميًا. ومع ذلك، فإن العديد من الدول الأعضاء لم تتمكن من الوصول إلى حصصها المقررة نتيجة لمحدودية الطاقة الإنتاجية أو العقوبات المفروضة عليها، مما جعل الإنتاج الفعلي أقل من المستويات المعلنة.
ورغم هذه التحديات، نجح السوق في الحفاظ على بعض التوازن، بفضل سلوك الصين التي واصلت تخزين النفط لأغراض استراتيجية، مما خفف من آثار ضعف الطلب العالمي المتوقع
المرونة في السوق تقابلها حدود الإنتاج
رغم مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي، أظهر سوق النفط مرونة لافتة. فقد بقيت الأسعار ضمن نطاق 67 إلى 70 دولارًا خلال فصل الصيف، دون مؤشرات واضحة على تراكم فائض في المخزونات الأمريكية أو الأوروبية.
ويرى المحللون أن تحالف أوبك+ يقترب من حدود قدرته الإنتاجية، ما يعني أن الزيادات المستقبلية ستكون محدودة ورمزية على الأرجح، في ظل مساعيه للموازنة بين استقرار السوق والضغوط الجيوسياسية، لاسيما في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوتر بين الغرب وروسيا.