الوكالات

ترامب والـ “كواد”: هل تهدد السياسات الأمريكية الجديدة تحالف الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا؟

أثارت السياسات والبيانات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً حول مستقبل تحالف “كواد” الاستراتيجي، الذي يضم الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، والذي أُنشئ لتعزيز الشراكة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. التحالف، الذي أُعيد تنشيطه لأول مرة خلال رئاسة ترامب الأولى في 2017، ركّز على تعزيز التعاون في مجالات الأمن البحري، التكنولوجيا، الإغاثة الإنسانية، والصحة العامة، دون أن يُصوَّر رسميًا كتحالف ضد الصين. مع ذلك، فإن تصريحات ترامب الأخيرة وقراراته الاقتصادية مثل فرض تعرفة جمركية مرتفعة على الهند، تطرح علامات استفهام كبيرة حول التزام واشنطن بمبادئ التعاون متعدد الأطراف التي قامت عليها استراتيجية التحالف.

فشل إدارة العلاقات مع الهند وتأثيره على التحالف:

تصريحات ترامب حول “فقدان الهند لصفوف الولايات المتحدة لصالح الصين”، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية البالغة 50%، تخلق انطباعاً بأن إدارة ترامب تنظر إلى الهند كمنافس أكثر من كونها شريكاً استراتيجياً. هذا التوجه قد يقوض الثقة داخل التحالف، خصوصاً مع التقارير عن احتمال عدم حضور ترامب قمة التحالف المقررة في نوفمبر بالهند.

الصحة العامة والمبادرات الإقليمية:

التحالف أطلق مشاريع صحية كبيرة مثل “Quad Cancer Moonshot” وبرامج تعزيز الجاهزية لمواجهة الجوائح. إلا أن تعيين روبرت كينيدي جونيور كوزير صحة أمريكي، مع مواقفه المناهضة للتطعيم وتخفيضه ميزانيات وكالة التنمية الدولية (USAID)، يهدد هذه المبادرات، ويجبر دول المنطقة على البحث عن مصادر تمويل بديلة لضمان استمرارية المشاريع الصحية.

البنية التحتية واللوجستيات:

كان التحالف قد بدأ تطوير شبكة لوجستية مشتركة لدعم الاستجابة للكوارث الطبيعية بسرعة وكفاءة. سياسات ترامب التقييدية تجاه المساعدات الخارجية ورفضه الالتزامات متعددة الأطراف تعيق التمويل والدعم الأمريكي لهذه المشاريع، مما يقلل من قدرة التحالف على العمل بفعالية في حالات الطوارئ.

الأجندة المناخية والطاقة النظيفة:

التحالف وضع تغيّر المناخ والطاقة النظيفة ضمن أولوياته الاستراتيجية، بينما تعكس سياسات ترامب “أمريكا أولاً” توجهًا معاكسًا، مع تراجع الدعم للطاقة المتجددة، والتشجيع على إنتاج الوقود الأحفوري، وتقليص الالتزامات الدولية مثل اتفاق باريس للمناخ.

الصراع بين الرؤية متعددة الأطراف والتوجه الثنائي:

الـ Quad يعتمد على التعاون متعدد الأطراف لمعالجة القضايا الاستراتيجية الإقليمية، بينما تتسم إدارة ترامب بالنهج الثنائي والمعاملة التبادلية المباشرة، ما يعارض روح التحالف ويهدد استقراره المستقبلي.

تحديات القمة المرتقبة:

غياب تأكيد ترامب لحضوره قمة نوفمبر في الهند يزيد من الشكوك حول قدرة التحالف على الحفاظ على تماسكه واستمراريته. قدرة الـ Quad على تنفيذ مشاريعه المستقبلية ستعتمد بشكل أساسي على مدى التزام واشنطن بالبرامج متعددة الأطراف.

الخلاصة:

بينما يحافظ زعماء الهند وأستراليا واليابان على التفاؤل، فإن سياسات ترامب قد تدفع التحالف إلى فترة من الجمود أو الخمول، مشابهة لتلك التي شهدها بين 2008 و2017. استمرار الـ Quad في تحقيق أهدافه الاستراتيجية يعتمد على قدرة الشركاء على مواجهة التحديات الأمريكية الداخلية وضمان التوازن بين مصالحهم الوطنية والتزامات التحالف.

اقرأ أيضاً:

حرب الطائرات المسيّرة: كيف غيّرت التكنولوجيا الحديثة وجه الصراع في أوكرانيا

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى