الوكالات

هيئة رقابية بريطانية: بوريس جونسون خالف القواعد التي تمنع استغلال النفوذ بعد مغادرته المنصب

أثارت هيئة مراقبة تعيينات المسؤولين السابقين في الحكومة البريطانية Acoba جدلاً جديدًا حول رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، بعد أن خلصت إلى أنه خالف القواعد التي تهدف لمنع استغلال العلاقات الحكومية السابقة لتحقيق مكاسب شخصية بعد مغادرته المنصب. القرار جاء بعد تحقيق استقصائي لصحيفة The Guardian تحت عنوان “ملفات بوريس”، استند إلى وثائق مسرّبة من مكتب جونسون، تكشف عن محاولاته استخدام نفوذه السابق لصالح مشاريع استثمارية في الإمارات والسعودية. جونسون، الذي أصدر بنفسه مدونة السلوك الوزاري، رفض الإجابة عن أسئلة لجنة Acoba التفصيلية، مكتفيًا بوصف التحقيق بأنه “استناد إلى مواد مسروقة بشكل غير قانوني”، رغم وجود دلائل على محاولاته تعزيز مصالح شركات خاصة باستخدام علاقاته الرسمية السابقة، ما أثار انتقادات حادة حول مستوى الشفافية والنزاهة في مؤسسات الحكم البريطانية.

 

استغلال العلاقات الحكومية لمشاريع خاصة

 

تشير الوثائق إلى أن جونسون سعى للحصول على استثمار بقيمة مليار دولار من الإمارات لمصلحة مشروع يُعرف باسم Bia Advisory، مستخدمًا علاقاته مع مسؤولين إماراتيين بارزين سبق أن التقاهم في مقر رئاسة الوزراء. كما يزعم أن اتصالاته داخل الحكومة السعودية، بما في ذلك لقاءات سابقة مع ولي العهد محمد بن سلمان، كانت تُستغل للترويج لشركة استشارات بريطانية تُدعى Better Earth، كان يخطط للعمل معها بعد مغادرته المنصب. هذه التحركات، بحسب اللجنة، تُعد محاولة واضحة لاستغلال النفوذ الرسمي السابق لتحقيق مكاسب شخصية، ما يشكل خرقًا مباشرًا للقواعد التي وضعت لحماية نزاهة العمل الحكومي وضمان عدم استغلال العلاقات الرسمية في المصالح الخاصة بعد ترك المسؤولين مناصبهم.

 

رفض التعاون مع لجنة الأخلاقيات

 

بعد نشر التحقيق، أرسلت لجنة Acoba خمس أسئلة محددة إلى جونسون حول علاقته بالشركتين، وسألته إن كان قد ناقش مشاريعه مع المسؤولين الخليجيين أثناء لقاءاته الرسمية. لكن جونسون رفض تقديم إجابات واضحة أو نفي مباشر للاتهامات، مكتفيًا بالقول إن “القصص قائمة على مواد سُرقت بشكل غير قانوني”، مؤكدًا التزامه بالقواعد دائمًا. رئيسة اللجنة، إيزابيل دوفرتي، اعتبرت هذا السلوك “خرقًا واضحًا لقواعد النزاهة الحكومية”، مشددة على أن رفضه الشفافية والمساءلة يقوض ثقة المواطنين بالمؤسسات العامة ويؤكد حاجة الحكومة إلى آليات رقابية أكثر صرامة على المسؤولين السابقين.

 

تجاهل جونسون لقواعد وضعها بنفسه

 

خلال فترة رئاسته، أصدر جونسون نسخة محدثة من “مدونة السلوك الوزاري” التي تشدد على الالتزام بالنزاهة والشفافية والمصلحة العامة. رغم ذلك، سجلت اللجنة عدة مخالفات سابقة ضده، منها طلبه الموافقة بأثر رجعي على عمله ككاتب في The Telegraph مقابل 275 ألف جنيه سنويًا، والحصول على موافقة على عمل في Daily Mail قبل نصف ساعة من الإعلان الرسمي بقيمة 500 ألف جنيه. كما رفض الإجابة عن أسئلة حول لقاءاته مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ورجل أعمال دفع له لاحقًا 240 ألف جنيه. هذه السلسلة من الانتهاكات، بحسب اللجنة، تؤكد أن جونسون لم يلتزم بالشفافية التي دعا إليها أثناء قيادته الحكومة، وأن تجاهله للقواعد يُضعف الثقة في مؤسسات الدولة.

 

الحكومة ترد باستحداث نظام رقابي جديد

 

أرسلت لجنة Acoba تقريرها الرسمي إلى دارين جونز، وزير مكتب رئاسة الوزراء، مؤكدة أن “عدم تعاون جونسون وانتهاكه القواعد” يشكل تهديدًا لمصداقية مؤسسات الحكم. وردت الحكومة بأن نظامًا جديدًا لضبط تعيينات المسؤولين السابقين سيدخل حيز التنفيذ في 13 أكتوبر، مع حل اللجنة الحالية، وإمكانية طلب رد مكافآت نهاية الخدمة من الوزراء السابقين الذين تثبت إدانتهم مستقبلاً. ومع ذلك، أكدت مصادر حكومية أن جونسون لن يواجه أي إجراءات إضافية لأنه لم يعد خاضعًا لهذه القواعد بعد مغادرته المنصب، ما أثار انتقادات حول جدوى الرقابة على كبار المسؤولين السابقين.

 

فضائح مستمرة تُلاحق جونسون

 

تشكل هذه الواقعة حلقة جديدة ضمن سجل طويل من الجدل والاتهامات الأخلاقية التي طالت جونسون منذ خروجه عام 2022، بدءًا من قضية “بارتي غيت” المتعلقة بانتهاك إجراءات الإغلاق خلال جائحة كورونا، وصولًا إلى صفقات إعلامية وعلاقات مع رجال أعمال أثرياء. اللجنة الرقابية تؤكد أن رفضه الشفافية والمساءلة يقوّض الثقة في مؤسسات الحكم البريطانية، خاصة وأن القواعد التي انتهكها هي نفسها التي صاغها بنفسه عندما كان في السلطة، مما يجعل هذه القضية مؤشرًا واضحًا على الحاجة لمراجعة القوانين والآليات الرقابية لضمان النزاهة والمصلحة العامة.

اقرأ أيضاً

الظلام يبتلع كييف.. هجوم روسي يضرب قلب أوكرانيا ويشعل حرب الطاقة مجددًا

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى