كارثة على السكة الحديد في ألمانيا:قطار يخرج عن مساره ويودي بحياة ثلاثة أشخاص ويصيب آخرين

في هذه حادثة مروعة تعيد إلى الأذهان تاريخ الحوادث الدامية للسكة الحديدية في ألمانيا، خرج قطار ركاب إقليمي عن مساره في غابة نائية بجنوب غرب البلاد، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة عدد آخر لم تُحدد خطورتهم بعد. الحادث وقع مساء الأحد قرب بلدة “ريدلينغن” في ولاية بادن-فورتمبيرغ، حيث كان القطار يقل نحو مائة راكب، في رحلة اعتيادية بين مدينتي “زيغمارتين” و”أولم”. وبينما تباينت الروايات الأولية بشأن عدد الضحايا، أكدت الشرطة لاحقًا سقوط ثلاثة قتلى، فيما تستمر التحقيقات لتحديد الأسباب. ويرجح أن انزلاقًا أرضيًا ناتجًا عن العواصف العنيفة التي ضربت المنطقة هو ما تسبب بخروج العربات عن القضبان. ورغم تدخل فرق الطوارئ وطائرات الإسعاف على الفور، فإن الحادث سلط الضوء مجددًا على هشاشة البنية التحتية للسكك الحديدية في ألمانيا، والتي طالما واجهت انتقادات حادة من المسافرين. ومن موقع الحادث، ظهرت صور مؤلمة لعربات القطار وقد انقلبت وسط الأشجار، بينما يكافح رجال الإنقاذ للعثور على ناجين أو مصابين. ويأتي هذا الحادث في ظل وعود حكومية سابقة باستثمار مئات المليارات لتحديث شبكة النقل، إلا أن هذه الوعود لم تمنع تكرار الكوارث.
حادث مأساوي يهز ولاية بادن-فورتمبيرغ
وقع الحادث في تمام الساعة السادسة وعشر دقائق مساءً بالتوقيت المحلي، عندما انحرفت عربتان من قطار ركاب إقليمي عن القضبان وسط منطقة غابات كثيفة قرب بلدة ريدلينغن. وبحسب الشرطة، كان على متن القطار حوالي 100 راكب، مما يجعل احتمال ارتفاع عدد الإصابات واردًا خلال الأيام المقبلة. ورغم أن السلطات أعلنت في البداية عن سقوط أربعة قتلى، فإنها عادت لاحقًا لتؤكد أن عدد الضحايا المؤكد حتى الآن هو ثلاثة فقط. ويستمر الغموض حول العدد الدقيق للمصابين، كما لم تفصح الجهات الرسمية عن مدى خطورة الإصابات أو أعمار الضحايا، في انتظار استكمال التحقيقات.
شهادات مصورة من موقع الكارثة
أظهرت لقطات مصورة بثها الإعلام المحلي عربات القطار المنكوبة وقد انقلبت على جانبها وسط الأشجار، بينما كان رجال الإطفاء والمسعفون يعملون تحت المطر الغزير لإخراج الركاب من الحطام. ويُظهر مشهد الدمار حجم العنف الذي تعرض له القطار عند خروجه عن المسار، وهو ما يعزز فرضية أن السبب كان انزلاقًا أرضيًا مفاجئًا. كما شوهدت طائرات هليكوبتر تهبط قرب الموقع لنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة. ووفقًا لتقارير من محطة SWR المحلية، تم استدعاء فرق طبية إضافية من مستشفيات مجاورة تحسبًا لازدياد عدد الحالات الحرجة.
فرضية الانزلاق الأرضي: عاصفة طبيعية تتحول إلى مأساة
تشير تقارير الأرصاد الجوية إلى أن المنطقة تعرضت لعواصف شديدة خلال اليومين الماضيين، مما أدى إلى سيول وانزلاقات طينية في عدد من المناطق الجبلية. ويُرجح أن أحد هذه الانزلاقات قد تسبب بانهيار جزء من السكة الحديدية أو تراكم الأتربة والصخور عليها، مما أدى إلى خروج القطار عن مساره. وإذا تأكد هذا الاحتمال، فإن الحادث سيضاف إلى سلسلة كوارث سببها تغير المناخ وتأثيراته المباشرة على البنية التحتية. ورغم أن شركة “دويتشه بان” لم تؤكد السبب حتى الآن، فإن التحقيقات تمضي في هذا الاتجاه.
رد فعل رسمي وتعاطف واسع
سارع المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى التعبير عن تعازيه لأسر الضحايا، مؤكدًا عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي أنه يتابع تطورات الحادث عن كثب. وأضاف أنه طلب من وزيري الداخلية والنقل تقديم كل ما يلزم من دعم لفرق الإنقاذ والإغاثة، مشددًا على ضرورة الإسراع في كشف ملابسات الحادث. وتعكس هذه التصريحات حجم القلق الرسمي من تكرار مثل هذه الكوارث، خاصة أنها تأتي في وقت يشهد فيه قطاع النقل موجة انتقادات بسبب تدهور الخدمات.
أزمة متكررة في قطاع النقل الألماني
لطالما اشتكى المسافرون في ألمانيا من تقادم البنية التحتية للسكك الحديدية وكثرة الأعطال والتأخيرات في مواعيد القطارات. ويعتبر حادث اليوم بمثابة تذكير مؤلم بضرورة تنفيذ خطط التحديث التي أعلنت عنها الحكومة مرارًا. فقد وعدت برلين بضخ مئات المليارات من اليوروهات لتطوير شبكة السكك الحديدية، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه الوعود ما زال يواجه عقبات بيروقراطية وفنية. ويثير هذا التساؤلات حول مدى استعداد الدولة لمواجهة الحوادث الكبرى، خاصة في ظل تغيرات مناخية مفاجئة.
الذاكرة الألمانية المثقلة بالحوادث السابقة
ليس هذا هو الحادث الأول من نوعه في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2022 انحرف قطار بالقرب من منتجع بافاري جبلي مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة العشرات. أما أسوأ حادث قطار في تاريخ البلاد فوقع عام 1998، عندما خرج قطار فائق السرعة عن مساره في منطقة “إشيده” بولاية سكسونيا السفلى، مما أسفر عن مقتل 101 شخص. تلك الذكرى الأليمة ما زالت حاضرة في الوجدان الألماني، وتثير كل كارثة جديدة المخاوف ذاتها بشأن الأمن والسلامة.
شركة دويتشه بان في مرمى الانتقادات مجددًا
أكدت شركة “دويتشه بان” المشغلة للقطار أن عربتين من القطار خرجتا عن المسار، لكنها لم تحدد بعد سبب الحادث. وأعلنت تعليق الحركة على امتداد 40 كيلومترًا من الخط المتضرر لحين الانتهاء من التحقيقات. وتواجه الشركة حاليًا ضغوطًا كبيرة لكشف التفاصيل وتحمل المسؤولية، خاصة في ظل تكرار الحوادث خلال الأعوام الأخيرة. ويخشى البعض من أن تكون هذه الأزمة نقطة تحول جديدة في ملف الثقة بين المواطنين ومزودي خدمات النقل العام.
التحقيقات مستمرة والأسئلة تتزايد
بينما يواصل المحققون جمع الأدلة من موقع الحادث، تتزايد الأسئلة حول مدى جاهزية شبكة القطارات الألمانية لمواجهة الظروف الجوية الطارئة. كما تتجه الأنظار إلى دور الصيانة الدورية وخطط الطوارئ، وهل كانت كافية لتفادي ما حدث. ويرى محللون أن الحادث قد يدفع الحكومة إلى إعادة تقييم أولوياتها في مشروعات البنية التحتية، وربما التعجيل بخطط الرقمنة والذكاء الاصطناعي لرصد المخاطر.
اقرأ أيضاً:
78 ساعة على تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ 2025