أسره ضابط كيني مفقود في هايتي تبحث عن خاتمه غياب مؤلم وصمت رسمي يثير الغضب
"عائلة ضابط كيني مفقود في هايتي تبحث عن إجابات وسط صمت رسمي"

بين أروقة المحاكم في نيروبي ومكاتب المسؤولين الصامتة، تخوض عائلة الشرطي الكيني بنديكت كوريا معركة نفسية ومؤسسية للعثور على إجابات. فقد اختفى كوريا في ظروف غامضة بعد تعرضه ورفاقه لكمين عنيف في هايتي خلال مهمة أمنية دولية لمواجهة العصابات المسلحة هناك. ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحادثة، لا تزال الحكومة الكينية تلتزم الصمت، وتترك الأسرة في دوامة من القلق والانتظار المؤلم.
كمين في أرض بلا قانون
في مارس الماضي، كان كوريا ضمن وحدة كينية تشارك في مهمة أمنية متعددة الجنسيات بدعم من الأمم المتحدة والولايات المتحدة في هايتي، حين تعرضت مجموعته لكمين أثناء مساعدتهم الشرطة المحلية على استعادة مركبة عالقة. في اليوم التالي، أعلنت وسائل إعلام هايتية مقتله، لكن السلطات الكينية اكتفت بالإشارة إلى أن “عمليات البحث والإنقاذ مستمرة”، دون تأكيد رسمي.
صمت رسمي ومناشدات قضائية
في محاولة يائسة للضغط على الحكومة، رفعت العائلة دعوى قضائية ضد كل من النائب العام وقائد الشرطة ووزراء معنيين، مطالبة بإجبارهم على تقديم معلومات. تقول زوجته، مريم واتييما: “ذهبنا إلى الشرطة والسياسيين والمحاكم، لكن لا أحد يجيب. نريد فقط أن نعرف مصيره”. وقد طالبت العائلة بتقديم موعد جلسة المحكمة المقررة في سبتمبر، نظراً “للطابع الإنساني العاجل” للقضية.
قصة شاب حلم بفرصة… وانتهى في المجهول
كوريا، البالغ من العمر 33 عامًا، التحق بالمهمة في يوليو 2024 بدافع تحسين دخل عائلته. تقول والدته إنها حاولت منعه من الذهاب إلى هايتي بسبب ما سمعته عن العنف المنتشر هناك، لكنه كان مصممًا، معتقدًا أن المهمة قد تكون فرصة تغيير للعائلة بأكملها. كان من المفترض أن يعود هذا العام، لكن الغياب حلّ محله، والصمت أصبح عنوانًا للحزن.
عائلة معلقة بين الأمل والخوف
شقيقه فيليب كوريا يقول: “ما نريده ببساطة هو أن نغلق هذا الملف. أن نعرف الحقيقة، أياً كانت”. أما والدته، جاكينتا كابيرو، فتحتفظ بصورته على هاتفها المحمول، وتنتظر اتصالاً قد لا يأتي أبدًا. الزوجة لا تزال تُجدد رصيد هاتفه خشية أن يُغلق رقمه قبل أن يتصل مجددًا.
مهمة دولية محفوفة بالفشل
دخلت كينيا مهمة هايتي طمعًا في دور قيادي دولي يعزز صورتها لدى الغرب، بعد إخفاق بعثات سابقة للأمم المتحدة في البلاد. لكن المهمة الكينية، رغم ترحيب أولي بها في بورت أو برنس، سرعان ما واجهت مشكلات تمويل وتجهيز وفوضى أمنية خانقة، إذ تسيطر العصابات على ما يُقدّر بـ90% من العاصمة.
تساؤلات عن الثمن الذي تدفعه كينيا
تثير قضية كوريا تساؤلات متجددة في الداخل الكيني: ما الذي جنته البلاد من هذه المغامرة الأمنية؟ هل تستحق “السمعة الدولية” أن يُترك الجنود وضباط الشرطة في مصير مجهول؟ وهل ضاعت حياة كوريا من أجل “صفقة سياسية دولية”؟ في الوقت الذي تنفي فيه الحكومة تقديم معلومات، يرى المراقبون أن هذه القضية قد تتحول إلى أزمة سياسية وإنسانية داخلية أوسع.
مناشدة أممية… بلا مجيب
رغم أن العائلة لجأت إلى مسؤولين بالأمم المتحدة، بينهم ممثلة الأمين العام في هايتي، إلا أن الردود بقيت صامتة. محامي الأسرة، مبوثي غاثينجي، يقول: “ما نريده فقط هو الحقيقة. لا نحتمل هذا الصمت القاتل أكثر من ذلك”.
الحياة تُعلق على حافة الذاكرة
تعيش الأسرة بين أمل عودته، وخوف إعلان وفاته. يقول عمه دانيال ندونغو: “نحن مستعدون لسماع أي خبر، فقط نريد أن نعرف”. بينما تتذكر الزوجة آخر مكالمة مع زوجها، حين كانا يتحدثان عن مستقبل ابنتهما البالغة من العمر 17 عاماً، تقول: “نريد أن نُغلق هذا الجرح، حتى نعرف إن كنا سنبكي عليه، أو ننتظره كل مساء”.