فايننشال تايمز: ترامب يشعل حربًا تجارية جديدة بفرض رسوم جمركية قاسية على النحاس والأدوية

في خطوة أثارت موجة من القلق العالمي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية ضخمة على واردات النحاس والأدوية، مهددًا بتوسيع دائرة الحرب التجارية لتشمل أغلب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وسط حالة من الترقب في الأسواق العالمية والمواقف المتباينة من قادة العالم والمنظمات الاقتصادية الكبرى.

تعهد بفرض رسوم فورية تصل إلى 50% على النحاس و200% على الأدوية

خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء، صرّح ترامب بأن الولايات المتحدة ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس بدءًا من الأول من أغسطس، مؤكدًا في الوقت ذاته نيته فرض رسوم تصل إلى 200% على واردات الأدوية بعد فترة انتقالية قد تمتد لعام ونصف. وقال: “سنعطي الشركات عامًا أو أكثر لترتيب أوضاعها، وبعدها ستكون هناك تعرفة مرتفعة للغاية”.

ارتفاع أسعار النحاس وأسهم الشركات

ردًا على التصريحات، قفزت العقود الآجلة للنحاس في الولايات المتحدة بنسبة تتجاوز 11% لتصل إلى 5.58 دولار للرطل. كما ارتفعت أسهم شركة “فريبورت-ماكموران”، كبرى شركات تعدين النحاس، بنسبة 5.6%، ما يعكس حجم التأثير المباشر لتلك القرارات على الأسواق.

لا تأجيل لموعد الرسوم الجمركية

أكد ترامب عبر منصة “تروث سوشال” أن المهلة النهائية لبدء تطبيق الرسوم ستكون الأول من أغسطس، قائلاً: “لن يكون هناك تمديد. سيتم دفع الأموال المستحقة بدءًا من هذا التاريخ، شكرًا لاهتمامكم!”.

ردود دولية: تفاوض أوروبي وقلق آسيوي

بينما أعلنت الدول الأوروبية، بقيادة ألمانيا، استعدادها للوصول إلى اتفاق مؤقت مع واشنطن يبقي الرسوم عند 10%، حذّر وزير المالية الألماني من إجراءات انتقامية إذا لم يتم التوصل لاتفاق “عادل”. في المقابل، أبدت كل من اليابان وكوريا الجنوبية استعدادًا للتفاوض بعد تلقيهما رسائل تحذيرية من الإدارة الأمريكية.

زيادة الرسوم على دول البريكس

وسّع ترامب تهديداته لتشمل دول مجموعة بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا وغيرها)، معلنًا أنها ستواجه رسومًا إضافية بنسبة 10%. وقال: “هؤلاء يحاولون تدمير الدولار وإيجاد عملة بديلة تقود العالم، وهذا أمر لن نسمح به”.

استقرار الأسواق رغم التهديدات

على الرغم من التصعيد، لم تشهد الأسواق المالية اضطرابًا كبيرًا. فقد استقرت مؤشرات “وول ستريت” مع تقلبات محدودة، بينما عزا المحللون هذا الهدوء إلى اعتقاد المستثمرين بأن تهديدات ترامب جزء من استراتيجية تفاوضية لن تصل إلى تنفيذ فعلي شامل.

تقديرات بزيادة إيرادات الرسوم إلى 300 مليار دولار

قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن الحكومة تتوقع تحصيل أكثر من 300 مليار دولار من الرسوم الجمركية بحلول نهاية العام، مقارنة بـ100 مليار دولار تم تحصيلها حتى الآن، مضيفًا: “المال الحقيقي سيبدأ في التدفق في الأول من أغسطس”.

رد فعل من غرفة التجارة الدولية

أعرب جون دينتون، الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، عن أمله في أن تساهم رسائل ترامب في إزالة “سحابة عدم اليقين” التي تؤثر سلبًا على القرارات الاستثمارية الكبرى، ورحّب بتثبيت الرسوم عند حد 10% للدول الصغيرة، قائلاً: “نأمل في تحرك إيجابي يحقق بعض اليقين الضروري لاستمرار العمليات الاستثمارية”.

هجوم من مجموعة بريكس: “لا نريد إمبراطورًا”

قادة مجموعة بريكس هاجموا سياسات ترامب بشدة، لا سيما الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي وصف تهديدات ترامب بأنها “غير مسؤولة”، مضيفًا: “نحن لا نريد إمبراطورًا يهدد دول العالم على منصات التواصل الاجتماعي”.

أوروبا تنتظر إشارات

في أوروبا، بقيت الأسهم مستقرة وسط حالة ترقب لمآلات المفاوضات بين واشنطن وبروكسل. وقال إيمانويل كاو، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك باركليز: “الرسائل تبدو تكتيكًا تفاوضيًا قد يؤدي إلى رسوم أقل لاحقًا”.

ألمانيا تحذر: “لن نساير كل شيء”

أكد وزير المالية الألماني أن بلاده لن تقبل باتفاق غير عادل، مشددًا على ضرورة حماية الاقتصاد الأوروبي عبر إجراءات مضادة إن لزم الأمر. وقال: “الخلاف التجاري يضر بنا جميعًا ويجب أن ينتهي بسرعة، لكننا لن نساير كل ما يُفرض علينا”.

الأسواق لا تصدق ترامب

في عموده بصحيفة “فايننشال تايمز”، كتب روبرت أرمسترونغ أن الأسواق لا تتفاعل بقوة مع تهديدات ترامب لأنها ببساطة “لا تصدقه”. وذكر أن الرسوم الجديدة لن تغيّر كثيرًا في المعدلات الفعلية للرسوم المفروضة، مضيفًا: “المستثمرون يتوقعون تغييرًا في اللحظة الأخيرة أو تراجعًا كما حدث مرارًا”.

اليورو يتعافى والين يتراجع

تعافت العملة الأوروبية بعد أنباء عن قرب التوصل لاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فيما تراجع الين الياباني وسط مخاوف من تأثير الرسوم. وقد عززت تلك التحركات التقلبات في أسواق العملات العالمية.

اليابان توافق على مزيد من المفاوضات

أعلنت الحكومة اليابانية أن مسؤولها التجاري تحدث مع وزير التجارة الأمريكي لمدة 40 دقيقة، وتم الاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات في الأيام المقبلة.

الرسوم الجديدة مشابهة لإعلان “يوم التحرير”

أخيرًا، أشارت “فايننشال تايمز” إلى أن الرسوم الجديدة تعادل إلى حد كبير تلك التي أُعلنت في خطاب “يوم التحرير” الذي ألقاه ترامب في أبريل الماضي، والذي أثار آنذاك صدمة في الأسواق العالمية.

تحليل: من التصعيد إلى التفاوض

يبدو أن ترامب يعتمد مجددًا على استراتيجية “رفع السقف” في التهديدات الجمركية بهدف دفع الدول الأخرى إلى طاولة التفاوض بشروط أمريكية أكثر تشددًا. وبينما تستعد الدول المتضررة لردود متفاوتة، يظل المشهد ضبابيًا حتى الأول من أغسطس، الموعد الحاسم لمعرفة ما إذا كانت الحرب التجارية ستتحول إلى واقع ملموس أو تظل ورقة ضغط تفاوضية.

اقرأ أيضًا:

اليابان وكوريا الجنوبية تتمسكان بالتفاوض بعد قرار ترامب تأجيل الرسوم:هامش ضيق وفرص محدوده