إسباني بين قتلى هجوم القدس وسط تصاعد الانتقادات لسياسات إسرائيل في غزة

شهدت مدينة القدس صباح الاثنين 8 سبتمبر 2025، هجومًا مسلحًا استهدف موقفًا للحافلات عند مفترق راموت شمالي المدينة، أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة ما يزيد عن 12 آخرين، في واحدة من أعنف العمليات التي تضرب إسرائيل منذ أشهر. وأكدت وزارة الخارجية الإسبانية أن بين الضحايا مواطنًا إسبانيًا، الأمر الذي أضاف بعدًا دبلوماسيًا جديدًا للأزمة المتفاقمة بين مدريد وتل أبيب.
تفاصيل الهجوم
بحسب الشرطة الإسرائيلية، أطلق مسلحان فلسطينيان النار على المدنيين المتجمعين في الموقف خلال ساعة الذروة، قبل أن يتم قتلهما على يد جندي خارج الخدمة ومدني كانا في المكان. خدمات الإسعاف أوضحت أن الضحايا شملوا رجالًا في الثلاثينيات وامرأة ورجلًا في الخمسينيات، بينما وصفت حالة ستة من المصابين بالحرجة.
عقب الحادث، دفعت السلطات بمئات من عناصر الأمن لتأمين الموقع والبحث عن مشتبه بهم إضافيين أو متفجرات محتملة. كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن تطويق قرى فلسطينية قرب رام الله بالضفة الغربية ردًا على العملية.
الضحية الإسبانية والتداعيات الدبلوماسية
الحكومة الإسبانية سارعت إلى تأكيد مقتل أحد مواطنيها في الهجوم، مقدمة تعازيها لأسر الضحايا كافة، ومجددة في الوقت نفسه إدانتها للإرهاب وتمسكها بالسلام في الشرق الأوسط. وأكدت وزارة الخارجية أن إسبانيا “لن تتراجع عن التزامها بالقانون الدولي وحقوق الإنسان”.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد العلاقات الإسبانية ـ الإسرائيلية توترًا غير مسبوق. فقد صعّد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من لهجته تجاه حكومة بنيامين نتنياهو، متهمًا إياها بـ”إبادة شعب أعزل” عبر قصف المستشفيات وتجويع الأطفال. وأكد أن بلاده ستواصل الضغط لوقف ما وصفه بـ”المجزرة”، رغم تأكيده على حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها.
حرب تصريحات وتصعيد متبادل
تل أبيب ردت بحدة على تصريحات سانشيز، واعتبرت أنها تنطوي على “خطاب معادٍ للسامية” وتهدف إلى صرف الانتباه عن ملفات فساد داخلية في إسبانيا. وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن منع دخول وزيرين إسبانيين ـ من بينهم نائب لرئيس الوزراء ـ إلى إسرائيل، بسبب ما وصفه بـ”المواقف العدائية”.
من جهتها، رفضت مدريد هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها “ادعاءات كاذبة وافتراءات”، مؤكدة أنها لن تُرهب أو تُثنى عن موقفها في الدفاع عن السلام وحقوق الإنسان.
مواقف دولية وإقليمية
الحادث قوبل بتنديد واسع من عدة عواصم أوروبية. فقد أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجوم واصفًا إياه بـ”الإرهابي”، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة إنهاء دوامة العنف عبر حل سياسي شامل. كما عبرت الخارجية الألمانية عن “صدمتها العميقة” ووصفت العملية بأنها “هجوم جبان”.
في المقابل، رحبت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالعملية واعتبرتاها “ردًا طبيعيًا على جرائم الاحتلال”، من دون تبنٍ رسمي. بينما حمّل وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش السلطة الفلسطينية مسؤولية التحريض، ودعا إلى “اختفائها من الوجود”، في تصريحات أثارت جدلًا واسعًا.
السياق الأوسع
يأتي هجوم القدس في ظل استمرار الحرب على غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة في القطاع أن حصيلة القتلى الفلسطينيين تجاوزت 64 ألفًا و500 شخص منذ السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى أكثر من 163 ألف جريح، وسط اتهامات دولية لإسرائيل باستخدام الحصار والتجويع كسلاح جماعي ضد المدنيين. كما حذرت الأمم المتحدة من مجاعة “من صنع الإنسان” تضرب مناطق واسعة من غزة.
وبينما يواصل نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة التأكيد على أن الحرب ضد “الإرهاب الإسلامي المتطرف” ستستمر حتى القضاء على حماس، يرى مراقبون أن العمليات مثل هجوم القدس ستزيد من تعقيد المشهد، خاصة مع انزلاق التوتر إلى الضفة الغربية وتصاعد الغضب في العواصم الأوروبية.