طاقة

أزمة النفط العالمية: شركات الطاقة الكبرى تقطع الوظائف وتقيد الاستثمارات

تشهد شركات النفط والغاز الكبرى حول العالم موجة غير مسبوقة من التخفيضات الوظيفية وتقليص الاستثمارات، في ظل هبوط أسعار الخام إلى مستويات لم تشهدها منذ انهيار الأسواق أثناء جائحة كورونا. تحذر التحليلات من أن هذا الانكماش قد يستمر لسنوات، مؤثرًا على الاستقرار الاقتصادي للقطاع وموارد الطاقة العالمية. شركات مثل Chevron وBP وConocoPhillips بدأت بالفعل في تنفيذ برامج تقشفية واسعة، تشمل تسريح آلاف الموظفين ووقف بعض المشاريع الاستثمارية أو عرضها للبيع، في محاولة للحفاظ على التوازن المالي في بيئة سوق متقلبة.

 

انخفاض أسعار النفط وتأثيره

 

أسعار النفط الخام تراجعت إلى النصف مقارنة بالذروة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022. قرار أوبك+ الأخير بزيادة الإنتاج، رغم توقعات فائض العرض، يزيد من الضغط على الأسعار. ويُتوقع أن يظل خام برنت دون 60 دولارًا للبرميل حتى أوائل 2026، ما يضع شركات النفط الغربية الكبرى في موقف صعب لتحقيق أرباح تغطي خطط الاستثمار وتوزيع الأرباح.

 

تسريح الوظائف والهيكلة الإدارية

 

في الولايات المتحدة وحدها، أعلنت ConocoPhillips عن تسريح نحو 3,250 موظفًا، بينما استمرت Chevron في برنامجها لخفض 8,000 وظيفة منذ فبراير الماضي. BP أعلنت عن تقليص 4,700 وظيفة في المملكة المتحدة. هذه الإجراءات تأتي ضمن عمليات إعادة هيكلة واسعة بعد الاستحواذات الأخيرة، بهدف الحفاظ على التنافسية وتقليل التكاليف.

 

تقليص الاستثمارات والرأسمال

 

تُظهر بيانات Wood Mackenzie أن الإنفاق الرأسمالي العالمي على النفط والغاز سينخفض بنسبة 4.3٪ هذا العام ليصل إلى 341.9 مليار دولار، وهو أول انخفاض سنوي منذ 2020. تراجع الاستثمار يهدد الإنتاج الأمريكي لأول مرة منذ 2021، ما يسلط الضوء على المخاطر المستقبلية لتأمين الطاقة المحلية.

 

الفجوة بين شركات الشمال الأمريكي والأخرى

 

شركات النفط الأمريكية، خاصة العاملة في قطاع الصخر الزيتي، تواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل أسعار النفط الحالية، إذ يحتاج الإنتاج الصخري إلى سعر 65 دولارًا للبرميل لتحقيق الربح، أعلى من تكاليف النفط في الشرق الأوسط ومناطق الإنتاج البحرية.

 

التحول نحو التكنولوجيا والتعاقد الخارجي

 

تعتمد شركات النفط الكبرى على التحول الرقمي والتعاقد الخارجي لتخفيف التكاليف، مع نقل الوظائف الإدارية والهندسية إلى دول مثل الهند، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتعظيم الإنتاج بأقل الموارد.

 

أثر الأزمة على الاستثمارات المستقبلية

 

يُخشى من أن الانكماش الحالي في الإنتاج والاستثمارات قد يؤدي إلى نقص في الطاقة المستقبلية، خصوصًا في الولايات المتحدة، في حال استمرار أسعار النفط عند مستويات منخفضة وعدم استقرار الإنتاج المحلي.

 

ردود فعل المديرين التنفيذيين

 

رؤساء شركات مثل Chevron وBP يؤكدون أن الحفاظ على التنافسية هو السبيل الأفضل لحماية أكبر عدد من الوظائف. وفي الوقت ذاته، يرى المحللون أن ExxonMobil تتمتع بموقف أفضل بفضل تدفقاتها النقدية العالية وانخفاض ديونها مقارنة بالأقران.

 

التحديات المستقبلية للقطاع

 

ارتفاع تكاليف الإنتاج، زيادة الإنتاج من أوبك، وانخفاض الطلب المحتمل على النفط الأمريكي يضع القطاع أمام تحديات هيكلية. كما يشير الخبراء إلى أن قطاع النفط الصخري الأمريكي معرض بشكل خاص للضغوط، مع انخفاض عدد الحفارات وفرق التكسير إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، ما يهدد قدرة البلاد على تلبية الطلب الداخلي مستقبلاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى