الاقتصاد

فايننشال تايمز   هل تشتري البنوك المركزية “أطنانًا لا تُحصى” من الذهب فعلًا؟ الأرقام لا تقول ذلك.

في ظل الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب، يُعاد تكرار سردية مفادها أن البنوك المركزية حول العالم تشتري كميات قياسية من المعدن الأصفر. لكن تحليل الكاتب توبي نانغل في فايننشال تايمز يكشف أن الحقائق لا تتطابق تمامًا مع العناوين الضخمة.

 

بين الأرقام الرسمية والتقديرات غير المعلنة

 

تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن مقتنيات الذهب المبلّغ عنها رسميًا من البنوك المركزية ارتفعت بمقدار 228 طنًا فقط خلال 12 شهرًا حتى يونيو 2025 — وهو ما يضع العام ضمن أدنى ربع فترات الشراء خلال الخمسة عشر عامًا الماضية.

لكن التقارير المتداولة في الأسواق — استنادًا إلى تقديرات “الشراء غير المبلّغ عنه” — ترفع الرقم إلى 804 أطنان، وهو مستوى يجعل 2025 ضمن أعلى فترات الشراء خلال العقد الماضي.

نانغل يصف الفجوة بين الرقمين بأنها “بحجم سبعة حيتان زرقاء”، إشارة إلى المبالغة في تقديرات السوق.

 

ما المقصود بـ“الشراء غير المبلّغ عنه”؟

 

تستند هذه التقديرات إلى مجلس الذهب العالمي (WGC) الذي يستخدم بيانات من شركة الأبحاث Metals Focus لتقدير صافي المشتريات من البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية.

لكن التقرير يوضح أن الإبلاغ لصندوق النقد طوعي، وأن روسيا توقفت عن تقديم بياناتها قبل العقوبات الغربية، ما أدى إلى اعتماد الأسواق على تخمينات مبنية على مصادر غير رسمية تشمل تجار السبائك والمناجم والمصافي.

 

وبحسب مجلس الذهب العالمي نفسه، فإن بيانات العرض والطلب هي “تقديرات تقريبية”، تختلف دقتها باختلاف الجهة التي تجمعها.

 

بيانات غير شفافة… وسردية مريحة للأسواق

 

يرى نانغل أن الاعتماد على هذه الأرقام الضبابية يمنح رواية “الطلب الرسمي على الذهب” جاذبية نفسية وسط عالم تتزايد فيه الشكوك حول سلامة الأصول الدولارية، خاصة بعد تجميد احتياطيات روسيا عقب غزو أوكرانيا.

 

ويشير إلى أن العلاقة التاريخية بين عوائد سندات الخزانة الأمريكية المحمية من التضخم (TIPS) وسعر الذهب انهارت منذ ذلك الحين، ما يعزز الفكرة بأن المستثمرين — وربما بعض البنوك المركزية — يفضلون الذهب كملاذ من العقوبات والسياسة النقدية الغربية.

 

الخلاصة

 

يقول نانغل إن التقارير عن “شراء غير مسبوق” من البنوك المركزية قد تكون مبنية على خليط من بيانات جزئية وتقديرات غير قابلة للتحقق، ومع ذلك فهي تخدم الرواية الذهبية التي تغذي صعود الأسعار.

“من المفارقة أن ارتفاع الذهب هذه المرة يستند إلى أرقام غامضة، تُجمع من أحاديث خلف الأبواب أكثر مما تُستقى من بيانات رسمية.”

بكلمات أخرى، الذهب يرتفع بفضل الأساطير تقريبًا بقدر ما يرتفع بفعل الواقع

يمني العزازي

يمني محمود: صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى