الوكالات

بعد 4 سنوات توقف.. توتال إنرجيز تُنعش مشروع الغاز في موزمبيق

بعد أربع سنوات من التوقف القسري إثر هجوم إرهابي دموي في شمال موزمبيق، أعلنت شركة توتال إنرجيز الفرنسية استعدادها لإعادة تشغيل مشروع الغاز الطبيعي المسال في إقليم كابو ديلغادو، أحد أكبر مشاريع الطاقة في القارة الإفريقية بقيمة 20 مليار دولار. المشروع كان قد توقّف عام 2021 عقب هجوم لجماعات مسلحة متطرفة على بلدة بالما القريبة من موقعه، ما دفع الشركة إلى إعلان حالة القوة القاهرة. وتُعد عودة المشروع حدثًا مفصليًا، ليس فقط لتوتال، بل لمستقبل موزمبيق الاقتصادي بأكمله، إذ يُتوقع أن يسهم في تحويل البلاد إلى لاعب رئيسي في سوق الغاز العالمي، ويعزز مكانتها كوجهة جديدة للاستثمارات الطاقوية العملاقة.

 

قرار استراتيجي يعيد الأمل إلى كابو ديلغادو

 

أكدت توتال في بيان رسمي أن التحالف الاستثماري الذي يقود المشروع قرر رفع حالة القوة القاهرة نهائيًا، وأبلغ الحكومة الموزمبيقية بالقرار الذي يمهّد لاستئناف الأعمال في مشروع Mozambique LNG. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الضخم في إحداث تحول اقتصادي عميق داخل البلاد، بقدرة إنتاجية تصل إلى 43 مليون طن من الغاز المسال سنويًا. وتشارك في المشروع شركات كبرى مثل ميتسوي اليابانية، إلى جانب تمويلات حكومية من الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة. وأوضحت توتال أن الخطوة التالية تتمثل في مصادقة الحكومة على الميزانية المعدّلة، قبل استئناف التنفيذ الفعلي، في وقت ترى فيه الشركة أن استقرار الأوضاع الأمنية يمنح المشروع فرصة جديدة للحياة والنمو.

 

عودة الأمن تفتح الطريق أمام الاستثمار

 

منذ عام 2021، سعت الحكومة الموزمبيقية لإعادة السيطرة على المناطق الشمالية المضطربة، خاصة في شبه جزيرة أفونغي، حيث تتجمع منشآت الغاز التابعة لتوتال وإنرجيز وإكسون موبيل. وقد لعبت القوات الرواندية دورًا رئيسيًا في استعادة الأمن وتأمين البنية التحتية الحيوية، ما سمح للشركات بإعادة تقييم المخاطر. ورحّبت شركة إكسون موبيل الأمريكية بقرار استئناف العمل، بعد أن كان رئيسها التنفيذي قد طلب مؤخرًا ضمانات أمنية من الحكومة. ويرى محللون أن رفع القوة القاهرة يشير إلى تراجع ملموس في مستوى التهديدات، وأن المستثمرين باتوا ينظرون إلى كابو ديلغادو باعتبارها منطقة واعدة في سوق الطاقة الإفريقي بدلًا من كونها بؤرة صراع مسلح.

 

ملف حقوق الإنسان يُثير الجدل مجددًا

 

ورغم الزخم الاقتصادي الذي أحاط بعودة المشروع، لم يخلُ الأمر من الجدل الحقوقي. فقد وُجهت اتهامات إلى السلطات الموزمبيقية بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين أثناء العمليات الأمنية الرامية لتأمين مناطق الإنتاج. وأمام هذه المخاوف، قررت الحكومة البريطانية مراجعة مساهمتها المالية البالغة 1.15 مليار دولار في المشروع، وطلبت من جهة مستقلة إعداد تقرير لتقييم مدى احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وتؤكد المنظمات الحقوقية أن التنمية يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع حماية السكان المحليين، بينما تدافع الحكومة بأن المشروع سيوفر آلاف فرص العمل ويحسن البنية التحتية والخدمات في المناطق التي طالها العنف والإهمال.

 

طاقة جديدة لإفريقيا ومستقبل موزمبيق الاقتصادي

 

يمثل استئناف مشروع Mozambique LNG خطوة استراتيجية لتوتال إنرجيز في تعزيز موقعها بين كبار منتجي الغاز الطبيعي المسال عالميًا. كما يُنظر إلى المشروع باعتباره حجر الزاوية في جهود موزمبيق لتحقيق نهضتها الاقتصادية بعد سنوات من الاضطرابات. ومع استقرار الأوضاع الأمنية وعودة المستثمرين الأجانب، قد تصبح البلاد مركزًا محوريًا لإنتاج وتصدير الغاز في إفريقيا، ما يمنحها نفوذًا اقتصاديًا متناميًا في السوق العالمي للطاقة. وبين الطموحات الاقتصادية والتحديات الحقوقية، تبدو موزمبيق على أعتاب مرحلة جديدة تتقاطع فيها المصالح الدولية مع تطلعات التنمية المحلية في بلد يحاول النهوض من رماد العنف نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

اقرأ أيضاً

الاختراق الروسي في باكروفسك.. معركة الشرق الأوكراني تدخل مرحلة جديدة

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى