بعد سبع سنوات من محاولته الأولى المتعثّرة في مجال الائتمان الخاص، يعود عملاق إدارة الأصول العالمي بلاك روك (BlackRock)

إلى الساحة مجددًا، وهذه المرة بصفقة استحواذ ضخمة قد تعيد رسم معالم السوق. ففي يوليو 2025، أعلن الرئيس التنفيذي لاري فينك إتمام صفقة الاستحواذ على شركة HPS Investment Partners مقابل 12 مليار دولار، وهي خطوة تُعد بمثابة تتويج لثلاثية استثمارات استراتيجية شملت أيضًا Global Infrastructure Partners وPreqin. وبذلك تتحول بلاك روك من عملاق في الأسواق العامة إلى لاعب ثقيل في الأسواق الخاصة، في وقت يُنظر فيه إلى الاستثمارات الخاصة كأرض المستقبل للرساميل الباحثة عن عوائد أعلى ورسوم مجزية.
لكن خلف هذا الطموح قصة إخفاق سابق. ففي عام 2018، اشترت بلاك روك شركة Tennenbaum Capital Partners في محاولة مبكرة لدخول سوق الإقراض المباشر، لكن التجربة كانت، بحسب وصف أحد الموظفين السابقين، “كارثية”. فهل يكون استحواذ HPS هذه المرة بداية جديدة ناجحة؟ أم أن ماضي بلاك روك في هذا المجال سيطاردها مجددًا؟
صفقة HPS: نقطة تحول استراتيجية (110+ كلمة)
استحواذ بلاك روك على HPS Investment Partners يأتي في وقت حاسم يشهد فيه قطاع الائتمان الخاص نموًا هائلًا، حيث وصل حجمه إلى نحو 1.7 تريليون دولار. HPS تُعد من أنجح الشركات في هذا المجال، إذ ارتفعت أصولها المدارة من 34 مليار دولار عام 2016 إلى 157 مليارًا في 2025. وستشرف قيادة HPS الجديدة، بقيادة سكوت كابنيك، على كامل محفظة بلاك روك في الائتمان الخاص، بما فيها أعمال القروض المضمونة (CLOs) — أحد أبرز قطاعات وول ستريت في الوقت الراهن. يرى فينك أن هذه الصفقة تمنح بلاك روك قدرة تنافسية شاملة في كل من الأسواق العامة والخاصة، وهو هدف كان بعيد المنال خلال تجربة تيننباوم.
تيننباوم: دروس من فشل سابق
في عام 2018، دخلت بلاك روك عالم الائتمان الخاص من بوابة صغيرة عبر الاستحواذ على Tennenbaum Capital Partners. لكن هذه الخطوة تحولت إلى عبء أكثر منها إنجازًا. ركزت تيننباوم على الائتمان “الفرصي” عالي المخاطر دون أن تمتلك أدوات السيطرة أو فرق جمع رأس المال الكافية. النتيجة؟ أداء مالي ضعيف، استقالات متكررة، ونسبة عالية من القروض غير القابلة للسداد. فقد خسر صندوق TCP Capital المملوك لبلاك روك 15.6% خلال عام، كما أن ما يقارب 14.4% من قروضه كانت متعثرة. يرى البعض أن الصفقة كانت “مطاردة عمياء للنمو”، ويُعزى ذلك إلى تجاهل التباين الثقافي والمخاطر الائتمانية غير المنضبطة.
هل تُصلح HPS ما أفسدته تيننباوم؟ (110+ كلمة)
الرهان هذه المرة أكبر. HPS ليست فقط أكبر حجمًا وأكثر خبرة من تيننباوم، بل إنها تملك فرقًا مختصة بإعادة هيكلة القروض، وهي اليوم مكلفة بمهمة “تنظيف” محفظة تيننباوم القديمة المتعثرة. في الوقت ذاته، تخطط بلاك روك للاستفادة من منتج HPS الاستثماري الرائد HLEND، الذي حقق عائدًا سنويًا بلغ 13%، وتسويقه للمستثمرين الأفراد. ورغم رفض دمج HLEND مع صندوق TCPC الضعيف الأداء، تسعى الشركة إلى بناء نماذج استثمارية هجينة تجمع بين قوة BlackRock ومهارة HPS. مع ذلك، يواجه سكوت كابنيك تحديًا كبيرًا: الحفاظ على عوائد مرتفعة في بيئة تنافسية تتراجع فيها الهوامش.
الثقافة والاندماج: عقبة صامتة (110+ كلمة)
وراء الأرقام والاستراتيجيات، تلوح معضلة “الاندماج الثقافي” بين HPS وبلاك روك. فبعض موظفي HPS أعربوا عن انزعاجهم من الانتقال إلى مقر بلاك روك في نيويورك، وطالبوا بالحفاظ على هويتهم المؤسسية، بما في ذلك النطاق البريدي الخاص بهم — على غرار تجربة أوكتري بعد استحواذ بروكفيلد عليها. حاليًا، ستحتفظ HPS باسمها مرفقًا بجملة “جزء من بلاك روك”، كما سيبقى التنفيذيون في مكاتبهم الخاصة، ولكن ذلك قد لا يدوم. التحدي الحقيقي يكمن في دمج الهيكلين التنظيميين دون تفريغ HPS من مرونتها واستقلالها التي كانت أساس نجاحها.