الجارديان: اليمين المتطرف الأوروبي يتبع ترامب ويدعو لتصنيف حركة “أنتيفا” كمنظمة إرهابية

تسارعت تحركات أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي عبر منصته “تروث سوشيال” أنه سيصنف حركة أنتيفا (Antifa) وهي حركة مناهضة للفاشية كـ“منظمة إرهابية كبرى”.
من واشنطن إلى لاهاي وبودابست: صدى القرار الأمريكي
في اليوم نفسه، مرر البرلمان الهولندي الذي يهيمن عليه حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز قرارًا يدعو الحكومة إلى اعتبار “أنتيفا” منظمة إرهابية، مستشهدًا بالخطوة الأمريكية.
ولم يتأخر الرد من أوروبا الشرقية؛ إذ أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن بلاده “ستتبع النهج ذاته”.
لاحقًا، قام النائب اليميني المتطرف توم فاندرندريش من حزب “فلامس بيلانغ” القومي الفلمنكي بصياغة مشروع قرار داخل البرلمان الأوروبي يطالب بتصنيف الحركة إرهابية، وقال إن 79 نائبًا من 20 دولة وقّعوا على النص.
في فيديو نشره على منصة “إكس”، وصف فاندرندريش الحركة بأنها “شبكة دولية تمولها وتحميها النخبة لمحاربة المعارضة القومية بالعنف”.
خبراء: “أنتيفا” ليست منظمة بل هوية فضفاضة
لكن الخبراء في مكافحة الإرهاب يرون أن توصيف “أنتيفا” كمنظمة أمر غير دقيق وخطير سياسيًا.
قالت جيسيكا وايت، المديرة بالإنابة لدراسات الإرهاب والصراعات في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، للجارديان:
“أنتيفا ليست كيانًا منظمًا أو له قيادة، بل هي حركة أو هوية جماعية أكثر من كونها منظمة. ومن الصعب جدًا – بل ربما غير مجدٍ – تصنيفها ككيان إرهابي.”
وأضافت أن أجهزة الأمن “لن تستفيد من هذا التصنيف”، لأن القانون يمكن أن يتعامل مع أعمال العنف الفردية دون الحاجة إلى وصم حركة كاملة.
كما حذرت من أن القرار قد يُستخدم “لأغراض سياسية لمعاقبة معارضي الحكومات اليمينية”.
المجر على الخطوط الأمامية
تتهم الحكومة المجرية حركة “أنتيفا” بأنها “منظمة إرهابية يسارية” تهدد المواطنين.
لكن تقرير يوروبول الأخير عن الإرهاب لم يذكر مصطلح “أنتيفا”، مشيرًا فقط إلى 21 هجومًا نفذتها مجموعات يسارية أو أناركية عام 2024، معظمها في إيطاليا واليونان واستهدفت الممتلكات فقط.
الحكومة المجرية استغلت أيضًا قضية الناشطة الإيطالية إيلاريا ساليس، التي كانت محتجزة في بودابست 16 شهرًا قبل انتخابها عضوًا في البرلمان الأوروبي عام 2024، لتصويرها كـ“ناشطة أنتيفا متطرفة”.
وحاولت الحكومة رفع حصانتها البرلمانية مؤخرًا، لكنها فشلت بفارق صوت واحد.
قالت ساليس للجارديان:
“المجر تستخدم مصطلح ‘أنتيفا’ لتشويه صورة كل من يعارض النظام. إذا كان رفض الفاشية جريمة، فأنا فخورة بكوني مناهضة للفاشية.”
اليسار الأوروبي: الهجوم على الحرية باسم الأمن
قال مارتن شيرديفان، زعيم كتلة اليسار في البرلمان الأوروبي، إن محاولات تجريم “أنتيفا” “تعزف على نغمة اليمين المتطرف”، مؤكدًا أن هذا التوجه يمثل “هجومًا على حرية الرأي والديمقراطية نفسها.”
ترامب نموذجًا ومصدر إلهام
يرى الباحث باويل زيركا من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن ترامب أصبح “نموذجًا يلهم اليمين الجديد في أوروبا”، الذي يسعى إلى استنساخ “حروب الهوية والثقافة” الأمريكية داخل مجتمعاته.
وأوضح أن الحديث عن “خطر أنتيفا” هو “نسخة من الخطاب الأمريكي تُستخدم لتعبئة القواعد اليمينية وخلق عدو مشترك”، مضيفًا:
“الادعاء بوجود خصم سياسي خطير يمنح اليمين المتطرف وقوده الداخلي ويعزز تماسكه.”



