مرأة ومنوعات

هل “معاملة الأميرة” مجرد نزوة رومانسية… أم خطر ناعم يعيد إنتاج التمييز ضد النساء

هل "معاملة الأميرة" مجرد نزوة رومانسية

هل تتمنين لو كنتِ أميرة؟ أن تُدللي، وتُقدَّمي لكِ الزهور، وتُفتَح لكِ الأبواب، ويُدفَع ثمن كل ما ترتدين وتتناولين؟ إن كنتِ تعبتِ من اتخاذ القرارات اليومية، كاختيار العشاء أو التخطيط للخروج، فتيك توك لديه الحل: “معاملة الأميرة”.

المؤثرة كورتني بالمر، التي تصف نفسها بـ”زوجة منزل أميرة”، تقدم سلسلة من مقاطع الفيديو الإرشادية عن كيفية الحصول على هذه المعاملة: قبول المجاملات برقة، التحدث بأسلوب أنثوي ناعم (بلا صراخ أو شتائم)، والامتنان لشريكك لأنه التقط جواربه المتسخة. في المقابل؟ مجوهرات، ورود، وحقائب “شانيل”—ولكن أيضًا، نمط حياة يبدو أقرب إلى الخنوع.

في أحد الفيديوهات التي أثارت جدلاً واسعًا، تقول بالمر إنها لا تتحدث إلى النادلة، ولا تفتح باب المطعم، ولا تطلب طعامها بنفسها، بل تكتفي بالجلوس بصمت حتى يُوجَّه إليها الكلام. “دعي زوجك يقود ويتصرف كرجل حقيقي”، تقول. هل يبدو الأمر ممتعًا؟ ربما، لكنه أيضًا مرعب.

 

خضوع ناعم في زمن التمكين

 

ربما لا تكون هذه الفيديوهات سوى عروض لجذب التفاعل، لكن “معاملة الأميرة” ليست مجرد ترند عابر، بل امتداد لرغبة حقيقية – أو خيال مشترك – عن الراحة والأمان في عالم يزداد فوضى. لا عجب أن تحظى نساء مثل نارا سميث، التي تطهو العلكة المنزلية مرتدية فساتين مُزركشة، بأرباح تُقدَّر بـ200 ألف دولار شهريًا من محتواها.

 

لكن الواقع مختلف. معظم العلاقات لا تشبه هذه النسخ المثالية على تيك توك، ولا تعتمد على منطق “أعطني اللؤلؤ وسأغسل لك الصحون”. فالحياة الحقيقية قائمة على الشراكة، لا الاستعراض. معظم الأزواج يحاولون فقط أن يكونوا طيبين مع بعضهم البعض وسط فوضى الحياة اليومية.

 

ومع ذلك، تبقى الفكرة مغرية. من لا يريد أن يشعر كأن كل يوم هو عيد ميلاده؟ لكن ثمن هذه المعاملة هو الاستسلام التام: التنازل عن الاستقلال المالي، والحرية الفكرية، وحتى حق اتخاذ القرار في المطعم.

 

حين تتحوّل الرومانسية إلى تغليف ناعم للتمييز

 

الخطورة الحقيقية لا تكمن فقط في صورة المرأة كدمية مدللة، بل في تأكيد هذه الرسائل لما تروّج له “عالمية الذكورة السامة” (manosphere): الرجال الأقوياء والنساء الخاضعات. هذه الأفكار لا تظل حبيسة المحتوى، بل تُستثمر سياسيًا في تبرير تقليص حقوق النساء، وخاصة فيما يخص قراراتهن الجسدية.

 

عنوان “أميرة” ليس بريئًا. في التاريخ، الأميرة كانت رمزًا للجمال والإنجاب، لا للسلطة. وحتى اليوم، تبقى حياة الأميرات الفعلية – من ديانا إلى كيت ميدلتون – محكومة بالقواعد والصمت والابتسامة المرسومة. لا مكان للغضب، ولا للشتم، ولا حتى لطلب البطاطا المقلية دون إذن!

 

خيال بديل: هل يمكننا الحلم بمعاملة أفضل؟

 

إذا كان الخضوع الهادئ هو المعيار، فربما نحتاج إلى خيال أكثر جرأة. لماذا لا نطالب بـ”معاملة الإلهة”؟ يُقدَّم لكِ القرابين، وتُستَرضين بالغزل والخوف، ويظل الجميع على أطراف أصابعهم خوفًا من غضبك. أو ربما “معاملة القطة المنزلية”: الراحة المطلقة، الغنج، الطعام الفاخر، والهدايا فقط لأنكِ موجودة (مع الحرية في الانقضاض المفاجئ على أي شخص يُزعجك!).

 

النسوية ليست دعوة إلى كراهية الحب أو الهدايا أو الأبواب المفتوحة، بل دعوة إلى أن تكون المرأة حرة في اختيار نمط حياتها دون أن تُجرد من صوتها أو استقلالها في المقابل. فهل يمكن أن نحلم بعلاقة تُعطي – دون أن تطلب الخضوع؟

اقرأ ايضا

مايك جونسون يقترب من انتصار تشريعي تاريخي في “الميغابيل” رغم العواصف السياسية

منةالله خيري

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى