ترامب يبني ترسانة انتخابية ب200مليون دولار بدعم غير مسبوق من صناعة الكريبتو
"ترامب والرسوم الجمركية: مفاوضات فوضوية تغير قواعد اللعبة التجارية العالمية"

في النصف الأول من عام 2025، تمكنت لجنة “MAGA Inc.”، وهي أكبر لجنة دعم سياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من جمع ما يقارب 200 مليون دولار، في إنجاز مالي يعكس قوة الشبكة التمويلية للحزب الجمهوري في ظل رئاسة ترامب. ويأتي هذا التدفق المالي الضخم مدفوعًا بشكل خاص من قطاع العملات المشفرة، الذي ساهم وحده بحوالي 41 مليون دولار، أي ما يعادل 20% من إجمالي التبرعات. هذه القفزة التمويلية تمنح ترامب وحلفاءه ميزة استراتيجية كبيرة قبل انتخابات التجديد النصفي في 2026، خاصة في ظل التراجع الحاد في موارد اللجان الداعمة للديمقراطيين. التحالف بين ترامب وعمالقة الكريبتو ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة سياسة مؤيدة للتقنيات المالية الجديدة، شملت تشريعات داعمة، وتعيينات تنظيمية موالية، وحتى قرارات عفو مثيرة للجدل. هذه التطورات تضع البيت الأبيض في قلب مشهد سياسي واقتصادي تتقاطع فيه مصالح الانتخابات والسياسات المالية وأسواق العملات الرقمية.
تفوق مالي يضع الديمقراطيين في موقف دفاعي
كشفت بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية أن لجنة “MAGA Inc.” جمعت 177 مليون دولار في النصف الأول من 2025، واحتفظت برصيد نقدي بلغ 196 مليون دولار، في حين أن لجنة “Future Forward” المؤيدة للديمقراطيين لم يتبق لديها سوى أقل من ثلاثة آلاف دولار. هذا التفاوت الهائل يعكس ليس فقط الزخم السياسي الذي يحظى به ترامب بين المانحين الكبار، بل أيضًا قدرة فريقه على جذب الدعم من قطاعات اقتصادية ناشئة مثل العملات المشفرة. وبالنظر إلى أن لجان العمل السياسي “Super PACs” تستطيع جمع مبالغ غير محدودة من الأفراد والشركات، فإن هذا التفوق المالي يمكن أن يتحول إلى قوة انتخابية على الأرض، سواء من خلال الحملات الإعلانية أو التعبئة المباشرة للناخبين.
الكريبتو: الحليف الاقتصادي الجديد للبيت الأبيض
قطاع العملات المشفرة كان اللاعب الأبرز في تمويل “MAGA Inc.”، إذ ساهمت شركات كبرى مثل Crypto.com وTools for Humanity وAndreessen Horowitz بملايين الدولارات. الدعم جاء نتيجة مباشرة لسياسات ترامب المواتية للصناعة، بدءًا من إقرار تشريعات خاصة بالعملات المستقرة “Stablecoins”، مرورًا بوقف دعاوى قضائية كبرى ضد منصات مثل Coinbase وKraken، وصولًا إلى العفو عن شخصيات مثيرة للجدل في عالم الكريبتو مثل روس أولبريخت مؤسس “Silk Road”. هذه السياسات لم تعزز فقط أرباح الشركات، بل رفعت أيضًا أسعار أسهمها وعززت موقعها التنافسي، ما دفعها إلى رد الجميل سياسيًا عبر ضخ أموال غير مسبوقة في حملة ترامب.
قفزة في الإنفاق السياسي والضغط التشريعي
إلى جانب التبرعات المباشرة، رفعت شركات الكريبتو الكبرى إنفاقها على الضغط السياسي في واشنطن، حيث أنفقت نحو 8.1 مليون دولار في النصف الأول من 2025 مقارنة بـ3.6 مليون فقط في الفترة نفسها من 2024. هذه الزيادة تعكس إدراك الصناعة لأهمية اللحظة السياسية، خاصة مع مناقشة البيت الأبيض والكونغرس لمشاريع قوانين تنظيمية يمكن أن تحدد مستقبل الأصول الرقمية في الولايات المتحدة. وجود شخصيات مؤيدة للكريبتو في مواقع حساسة، مثل بول أتكينز على رأس هيئة الأوراق المالية والبورصات، وديفيد ساكس كقيصر للابتكار في البيت الأبيض، يزيد من ثقة الشركات في أن نفوذها السياسي قد يترجم إلى مكاسب تشريعية حقيقية.
ترامب يستثمر شخصيًا في الكريبتو
لم يقتصر ارتباط ترامب بالكريبتو على الجانب التشريعي أو الرمزي، بل امتد إلى استثمارات مباشرة ومشاريع تجارية، منها امتلاك شركته الإعلامية نحو 2 مليار دولار من البيتكوين، وإطلاق عملة رقمية خاصة به تحمل اسم “$TRUMP” حققت له وفريقه أكثر من 350 مليون دولار، بالإضافة إلى الترويج لشركة “World Liberty Financial” التي يديرها أبناؤه ويدر منها دخلاً يصل إلى 60 مليون دولار. هذه التحركات تشير إلى أن الكريبتو لم يعد مجرد أداة سياسية في يد ترامب، بل أصبح أيضًا جزءًا من استراتيجيته الاستثمارية والشخصية، ما يعزز الترابط بين نفوذه السياسي ومكاسبه الاقتصادية.