الاقتصاد

هل العالم مستعد لانهيار الأمم المتحدة ؟ترامب ينسحب والنظام الدولي علي حافه الإنهيار

الأمم المتحدة تواجه تحديات وجودية بسبب الانسحابات والتمويل المنخفض.

 

في الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، يبدو أن المنظمة التي تشكلت لحماية العالم من أهوال حرب عالمية ثالثة، تواجه أكبر تهديد وجودي منذ تأسيسها. فبينما تعاني مؤسساتها من عجز تمويلي مزمن، جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليقلب الطاولة، معلنًا مراجعة شاملة لعضوية الولايات المتحدة في كافة المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة نفسها. وإذا ما نفّذ تهديداته بخفض التمويل أو الانسحاب، فإن ذلك سيشكل ضربة قاصمة للنظام الدولي القائم على التعددية والتعاون المشترك. لكن الولايات المتحدة ليست وحدها في خيانة مبادئ الميثاق الأممي؛ عشرات الدول الأخرى تتلكأ في سداد التزاماتها، والنظام الدولي برمته يعيش لحظة شلل عميق. السؤال الذي يفرض نفسه: من سينقذ الأمم المتحدة قبل فوات الأوان؟

 

ترامب يلوّح بالخروج الكامل من المنظمات الدولية

في فبراير الماضي، أعلنت إدارة ترامب بدء مراجعة عضوية الولايات المتحدة في جميع الهيئات والمعاهدات الدولية، مع احتمال الانسحاب أو تقليص التمويل. الموعد النهائي لهذا التقييم الحاسم يحل الشهر القادم، وسط ترقب عالمي لمصير المنظمة الأممية.

 

وكالة التنمية الأمريكية ضحية أولى

ألغى ترامب بالفعل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أصاب برامج الأمم المتحدة الإنسانية بشلل واسع، خاصة أنها تعتمد على التمويل الطوعي لتغطية الأنشطة الإغاثية والتنموية في الدول الفقيرة والمناطق المنكوبة.

 

أزمة تمويل تضرب جذور النظام الأممي

تشير البيانات إلى أن الولايات المتحدة، التي تمول 22% من الميزانية الأساسية للأمم المتحدة، ليست وحدها في التخلف عن السداد. أكثر من 40 دولة أخرى لم تسدد التزاماتها السنوية، فيما تتراجع التبرعات الطوعية بشكل ملحوظ، ما يهدد بجمود مؤسسات المنظمة.

 

الشلل السياسي في مجلس الأمن وفشل الردع الدولي

الأمم المتحدة لم تفلح في وقف الغزو الروسي لأوكرانيا، كما لم تتمكن من التصدي للهجوم الأمريكي الإسرائيلي الأخير على إيران، وهو ما يضرب ميثاقها في الصميم. وقد بات مجلس الأمن عاجزًا بفعل كثرة استخدام الفيتو، فيما تحولت الجمعية العامة إلى منبر رمزي بلا تأثير.

 

ميزانية كارثية مقترحة لعام 2026

يقترح ترامب خفض ميزانية التمويل الدولي للولايات المتحدة بنسبة 83.7%، لتتراجع من 58.7 مليار دولار إلى 9.6 مليار فقط. يتضمن ذلك تقليص تمويل الأمم المتحدة بنسبة 87%، بما في ذلك إلغاء دعمها للسلام والتنمية والتخطيط الأسري وبرامج الطفولة.

 

تكلفة انسحاب واشنطن قد تكون مروّعة

بحسب مركز كارنيغي، بلغت مساهمة أمريكا في ميزانية الأمم المتحدة عام 2023 نحو 13 مليار دولار – وهو رقم يعادل فقط 1.6% من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية، أو ثلثي ما ينفقه الأمريكيون على الآيس كريم سنويًا! تقليص هذه الميزانية قد يدمر برامج أساسية مثل اليونيسف، وبرنامج الغذاء العالمي، والمحكمة الدولية، والوكالة الذرية للطاقة.

 

انهيار مفاجئ في برامج الإغاثة

تسبب انسحاب واشنطن من دعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الإنسان، في فجوة تمويلية مميتة. تشير التقديرات إلى أن هذه التخفيضات قد تؤدي إلى 14 مليون وفاة إضافية بحلول 2030، بينهم نحو 5 ملايين طفل.

 

عجز عالمي عن تعويض التمويل الأمريكي

حتى الآن، لم ينجح المانحون الدوليون في تعويض العجز. جمع المجتمع الدولي فقط 11% من الـ46.2 مليار دولار اللازمة لتغطية احتياجات 44 أزمة إنسانية كبرى. أما بريطانيا، فقد اختارت خفض ميزانية المساعدات بمقدار 6 مليارات جنيه إسترليني، لتمويل تحديث ترسانتها النووية.

 

خطة “UN80” لإنقاذ المنظمة

بموازاة الانهيار المالي، أطلق الأمين العام أنطونيو غوتيريش خطة إصلاح شاملة تحت اسم “UN80” لتقليص ميزانية المنظمة بنسبة 20%، وتسريح آلاف الموظفين. لكنه اعتبر أن التحدي الأكبر ليس داخليًا، بل يتمثل في الدول التي تتنصل من الالتزامات، وتفرغ النظام الدولي من مضمونه.

 

العالم أمام مفترق طرق

في لحظة عالمية مليئة بالفوضى – من غزة إلى السودان وهايتي وميانمار – يبدو أن الأمم المتحدة هي الحاجز الأخير أمام انهيار شامل للنظام العالمي. تحذر تقارير استراتيجية من أن فقدان هذه المؤسسة سيؤدي إلى تصاعد الحروب، وانهيار القوانين، وتفشي المجاعات والاضطرابات. يبقى السؤال: هل ستقف القوى الديمقراطية مكتوفة الأيدي أمام محاولة ترامب ودول مارقة مثل روسيا وإسرائيل لتفكيك النظام الدولي؟ أم أنها ستدافع عن آخر حصون السلم العالمي؟

أقرأ أيضا

رؤيه راشيل ريفز الاقتصادية تتضح أخيرا..ولكن بعد فوات الاوان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى