الوكالات

بين موسكو وواشنطن: القصة الكاملة لتنظيم نازي يُخطط على مرأى من الجميع

في ظل مناخ سياسي متوتر وتراجع ملحوظ في مواجهة تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة، تكشف تقارير صحفية عن تحركات مثيرة للقلق لتنظيم “ذا بَيس” (The Base) – المصنف كتنظيم نازي إرهابي – حيث يعمل على إعادة ترتيب صفوفه داخل الولايات المتحدة، ويخطط لإقامة معسكر شبه عسكري هذا الصيف، في تحدٍ سافر للسلطات الفيدرالية وصمت يثير التساؤلات.

عودة من الظل

تأسست جماعة “ذا بَيس” عام 2018 على يد متعاقد سابق مع البنتاغون يُقيم حاليًا في روسيا ويُشتبه بتورطه في عمليات تجسس لصالح الكرملين. ورغم تفكيكها جزئيًا بعد حملة مداهمات واسعة قادها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) خلال السنوات الماضية، فإن الجماعة عادت للظهور مجددًا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أعادت دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي الأمريكي.

وبحسب خبراء، فإن عودة ترامب – الذي يُتهم بالتساهل مع جماعات اليمين المتطرف – شجعت “ذا بَيس” على تسريع وتيرة تجنيدها، مستفيدةً من موقف الإدارة الجديدة التي أظهرت عدم اكتراث واضح بخطر النازيين الجدد.

انتشار أوروبي وتحركات أوكرانية

ورغم جذورها الأمريكية، تمتد أنشطة “ذا بَيس” اليوم إلى خارج الولايات المتحدة. فقد أنشأت الجماعة خلايا في أوروبا، وتورطت في عمليات تخريب ضد الحكومة الأوكرانية، فيما يبدو أنه جزء من جهودها الهادفة إلى تأسيس “دولة عرقية بيضاء” في الغرب الأوكراني.

وتشير مقاطع فيديو نُشرت على مواقع روسية إلى عمليات حرق لمركبات عسكرية وأهداف حكومية، تُنسب لخلايا “ذا بَيس” هناك.

تحضير علني لمعسكر تدريبي داخل أمريكا

في تحرك لافت، أعلنت الجماعة عبر حسابات تواصل اجتماعي تستضيفها خوادم روسية، عن نيتها عقد معسكر تدريبي كبير في الولايات المتحدة هذا الصيف، بل وطلبت تبرعات بالعملات المشفّرة لدعم الأعضاء في تغطية تكاليف السفر والمشاركة.

وقالت الجماعة في منشور حديث:

“عندما تتبرع لـذا بَيس، فإنك تستثمر في قوة دفاع بيضاء تهدف إلى حماية البيض من الاضطهاد السياسي والتدمير الجسدي.”

وقد أرفقت منشورًا بصورة جديدة تظهر عددًا من أعضائها المسلحين في منطقة وسط الغرب الأمريكي، استمرارًا لسلسلة صور تستعرض فيها الجماعة حضورها المتزايد في الأراضي الأمريكية.

تراخٍ أمني ورسائل رمزية

يرى محللون مثل “جوشوا فيشر-بيرتش”، الخبير في شؤون الإرهاب اليميني، أن الإعلان العلني عن معسكر تدريبي بهذه الصورة يعكس ثقة الجماعة في مناخ سياسي وأمني متراخٍ، وهو ما يُعد تغيرًا نوعيًا عن نمطها السري في السنوات السابقة.

وأشار إلى أن مثل هذه الأحداث – حتى وإن شارك فيها أقل من 20 فردًا – تتطلب تخطيطًا ومقابلات وتنقلات بين ولايات، وهي مؤشرات على أن الخطر لم يعد افتراضيًا أو محصورًا بالإنترنت، بل بات واقعيًا ومتجذرًا.

موقف الـFBI: عضوية لا تساوي جريمة

ردًا على أسئلة الغارديان حول نشاطات الجماعة، اكتفى مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتأكيد على أن تركيزه ينصب على الأفراد المتورطين فعليًا في جرائم فدرالية، مشيرًا إلى أن الانتماء لجماعة معينة “ليس جريمة بحد ذاته، ويحظى بالحماية بموجب التعديل الأول من الدستور الأمريكي”.

لكن في ولايات مثل ميشيغان وجورجيا، وُجّهت اتهامات لأعضاء في “ذا بَيس” بسبب ارتباطاتهم المباشرة بأنشطة إجرامية تابعة للجماعة.

ترامب واحتضان اليمين المتطرف

منذ عودته إلى الحكم، بدا أن الرئيس ترامب يتبنى خطابًا مهادنًا تجاه جماعات اليمين المتطرف، بل إن من أوائل قراراته إصدار عفو شامل عن المشاركين في اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، ما اعتبره الخبراء رسالة واضحة بالتسامح مع الفكر المتطرف.

ويُتهم مدير مكتب التحقيقات الجديد، كاش باتيل – المعروف بولائه لترامب – بتقليص الموارد والكوادر المخصصة لمكافحة التطرف اليميني، ما فتح المجال أمام جماعات مثل “ذا بَيس” للتحرك بحرية أكبر.

الدعاية بالسلاح

رئيس الجماعة رينالدو نازارو، الذي يعيش في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، ظهر مؤخرًا في تسجيل مصور يدعو فيه إلى إنتاج مواد تدريبية مرئية تثبت أن جماعته لا تقتصر على الفضاء الرقمي، بل تملك وجودًا فعليًا على الأرض.

وقال في الفيديو:

“إنها دعاية بالأفعال، لا بالكلمات فقط.”

وحتى الآن، لم يُعلن عن الموقع المحدد للمعسكر التدريبي المقبل، لكن يُعتقد أن نازارو اشترى قطعة أرض في شمال غرب المحيط الهادئ ليجعلها مقرًا رئيسيًا للجماعة.

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى