عربي وعالمي

ترامب يحرج البنتاغون بتراجع مفاجئ عن قرار وقف تسليح اوكرانيا: انتصار مؤقت العقلانية

"انتصار مؤقت للعقلانية في السياسة الأمريكية"

في خطوة مفاجئة أعادت خلط الأوراق داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، أعلن الرئيس دونالد ترامب استئناف شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، بعد أيام فقط من قرار مفاجئ بوقفها، في ما اعتبر إحراجًا غير مسبوق للبنتاغون، وانتصارًا مؤقتًا للواقعية الاستراتيجية في مواجهة التصعيد الروسي.

 

قرار من العشاء الرئاسي: قنبلة سياسية وسط صمت البنتاغون

جاء إعلان ترامب خلال مأدبة عشاء أقامها في البيت الأبيض لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 7 يوليو، قائلاً:

 

“سنرسل المزيد من الأسلحة. لا بد من ذلك. يجب أن يكونوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم. إنهم يتعرضون لقصف شديد الآن”.

 

وفي مشهد لافت، أومأ وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسث، بالموافقة على القرار رغم أنه كان من أبرز من أوقف المساعدات في المقام الأول. كذلك، كان مساعده لشؤون السياسات، إلبرج كولبي، من كبار المدافعين عن تقليص التزامات واشنطن في أوروبا لصالح التفرغ لآسيا.

 

مبررات البنتاغون كانت واهية: الأسلحة ليست من المخزون الأمريكي

كان البنتاغون قد برر وقف الشحنات بمراجعة عامة تهدف إلى الحفاظ على مخزون الجيش الأمريكي، وقال الناطق باسمه شون بارنيل:

 

لا يمكننا إرسال أسلحة إلى الجميع حول العالم”.

 

لكن هذا التبرير سرعان ما انهار؛ فمعظم الأسلحة التي ترسل الآن إلى أوكرانيا—خصوصًا صواريخ “باتريوت” الدفاعية—تأتي من خطوط إنتاج شركات التعاقد، وليس من مستودعات الجيش. والمفارقة أن شحنات السلاح لإسرائيل لم تتوقف، رغم استخدامها المكثف لهذه الأنظمة خلال الحرب الأخيرة ضد إيران.

 

البيت الأبيض يتفوق على البنتاغون: إهانة أم تصحيح مسار؟

أكد ترامب أنه لم يكن على علم بوقف المساعدات العسكرية عندما تحدّث هاتفيًا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 4 يوليو، ما زاد من تعقيد المشهد وعمّق الإحراج داخل وزارة الدفاع. ويُفهم من هذا التراجع أن قرار ترامب لا يتبع منطق “أمريكا أولًا” كما يفهمه مساعدوه، بل كما يقرره بنفسه، وقتما يشاء.

 

ضغوط المعركة تفرض نفسها: عقلانية اللحظة بدلًا من الالتزام الاستراتيجي

جاء تراجع ترامب في ظل واحدة من أعنف موجات القصف الروسي منذ بدء الغزو قبل ثلاث سنوات، مما جعل وقف الإمدادات الدفاعية أشبه بـ”هدية مجانية لبوتين”. ورغم أن القرار يُعد انتصارًا للمنطق، فإنه لا يعني تحولًا جوهريًا في سياسة ترامب تجاه كييف.

 

دعم بدون التزام جديد: استمرار التآكل في المساعدات

لم يتضمن إعلان ترامب أي تعهدات جديدة بتقديم مساعدات مستقبلية، بل مجرد استئناف للدفعات التي أقرها سلفه، جو بايدن. وتُشير التقديرات إلى أن هذه المساعدات ستستمر في التناقص التدريجي حتى نهاية 2028، ما لم يطرأ تغيير جذري.

 

ولا تزال عشرات المليارات من الدولارات التي أقرها الكونغرس العام الماضي لأوكرانيا غير مصروفة، كما لم يخصص الكونغرس—ذي الأغلبية الجمهورية—أي تمويل إضافي في الموازنة الجديدة. بل إن مشروع “الضريبة والإنفاق الكبير” الذي وقّعه ترامب مؤخرًا لم يتضمن أي بنود تتعلق بأوكرانيا.

 

ترامب بين الحذر والواقعية: لا يريد انتصار أوكرانيا… ولا سقوطها

يبدو أن ترامب لا يريد الانخراط فعليًا في معركة كسب الحرب لصالح أوكرانيا، لكنه أيضًا لا يتحمل سياسيًا رؤية كييف تسقط في عهده، خاصة بعد أن ظلّ يهاجم بايدن بلا هوادة بسبب انسحاب أفغانستان.

 

يدرك ترامب على الأرجح أن هزيمة أوكرانيا ستُعد نكسة جيوسياسية قاسية تفوق بكثير تلك التي خلفها سقوط كابل، وقد تؤثر على مستقبله السياسي تمامًا كما أثرت على بايدن.

 

خلاصة: قرار تكتيكي لا يعكس تحولًا استراتيجيًا

رغم الترحيب الأوكراني بعودة الدعم الأمريكي، فإن الحقيقة تبقى أن سياسة ترامب تجاه أوكرانيا محكومة بالمزاجية والاعتبارات اللحظية أكثر من كونها جزءًا من استراتيجية واضحة أو التزام طويل الأمد.

 

وبينما تُقصف المدن الأوكرانية وتُستنزف دفاعاتها الجوية، يبقى السؤال الكبير: هل يُمكن لأوكرانيا الاعتماد على رئيس يبدّل مواقفه في ليلة وضحاها؟

أقرأ أيضا

اليابان وكوريا الجنوبية تتمسكان بالتفاوض بعد قرار ترامب تأجيل الرسوم:هامش ضيق وفرص محدوده

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى