شهدت شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة، مثل ميتا، ألفابت، وإنفيديا، قفزة ملحوظة في ميزانيات الأمن الشخصي لمديريها التنفيذيين، وسط تنامي المخاطر الأمنية التي تطالهم. ووفقاً لتحليل أجرته فاينانشال تايمز، ارتفعت ميزانيات الحماية لعشرة من كبار الرؤساء التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا إلى أكثر من 45 مليون دولار في عام 2024، مع زيادات تجاوزت 10٪ لدى شركات مثل أمازون، ميتا، إنفيديا، وبالانتير.

الخبراء الأمنيون يؤكدون أن العام الجاري شهد تصاعداً في المخاطر بعد حوادث استهدفت شخصيات تنفيذية رفيعة المستوى، من بينها الهجوم المميت على الرئيس التنفيذي لشركة United Healthcare، براين طومسون، في ديسمبر 2024، وحادث إطلاق النار الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في مبنى مكاتب بنيويورك في يوليو الماضي.

استهداف القادة كرموز للصراع

يقول جيمس هاميلتون، مؤسس شركة Hamilton Security وعميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي: “لم أرَ مستوى التهديد أو القلق أعلى مما هو عليه اليوم”. ويضيف أن كثيرين باتوا ينظرون إلى قادة الشركات كرموز لكل ما يرونه خطأ في العالم.

هذا الشعور العدائي، المدفوع بعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، جعل قادة التكنولوجيا أهدافاً محتملة، خصوصاً في ظل الجدل حول الأرباح الضخمة، تسريح العمال، قضايا الخصوصية، ودورهم المتزايد في السياسة الأمريكية منذ انتخابات 2024.

ميتا على رأس قائمة الإنفاق الأمني

تصدرت ميتا القائمة بإنفاق أكثر من 27 مليون دولار على حماية الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ وأسرته في 2024، ارتفاعاً من 24 مليوناً في العام السابق. وتشمل الحماية تأمين مقار الإقامة والسفر، وهو ما يجعل ميزانية الشركة أعلى بكثير من منافسيها، إذ تغطي أفراد العائلة أيضاً وليس الرئيس التنفيذي فقط.

إنفيديا، بالانتير، وأرقام لافتة

ارتفعت ثروة الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ، إلى أكثر من 153 مليار دولار مع صعود الشركة إلى قيمة سوقية بلغت 4 تريليونات دولار. ورفعت الشركة إنفاقها الأمني عليه من 2.2 مليون دولار في 2023 إلى 3.5 مليون في 2024، وسط زيادة شهرته واحتكاكه المباشر مع الجمهور.

أما أليكس كارب، الرئيس التنفيذي لبالانتير، فشهدت ثروته زيادة بنحو 7 مليارات دولار العام الماضي، وتلقى تهديدات بالقتل بسبب عقود الشركة مع الجيش الإسرائيلي وهيئات الهجرة الأمريكية. ويمتلك كارب حراسة شخصية على مدار الساعة تصل أحياناً إلى أربعة حراس في آن واحد.

إيلون ماسك وحماية من مستوى آخر

إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، رفع مستوى حمايته الشخصية إلى أقصى الحدود بعد تلقيه تهديدات ومحاولات استهداف مباشرة. ويصاحبه حالياً ما يصل إلى 20 عنصراً أمنياً، وأسس شركته الخاصة للحماية “Foundation Security”. ورغم أن تسلا صرحت بإنفاق 500 ألف دولار فقط على أمنه في 2024، فإن هذا الرقم يمثل جزءاً صغيراً من التكلفة الفعلية، إذ تتحمل شركاته الخاصة مثل سبيس إكس وxAI الجزء الأكبر.

أمازون وأسماء أخرى

أمازون تدفع منذ 2010 نحو 1.6 مليون دولار سنوياً لحماية مؤسسها جيف بيزوس، إضافة إلى أكثر من مليون دولار سنوياً للرئيس التنفيذي الحالي آندي جاسي. وتعود بعض الإجراءات الأمنية للشركة إلى ما قبل أعوام، مثل تركيب ألواح زجاجية مقاومة للرصاص في مقرها بسياتل عام 2019.

بالمقابل، شهدت بعض الشركات تخفيضات في الإنفاق الأمني، مثل آبل التي قللت ميزانية حماية تيم كوك من 2.4 مليون في 2023 إلى 1.4 مليون في 2024.

أبعاد جديدة للتهديدات

التهديدات لم تعد تقتصر على الاغتيالات أو العنف الجسدي، بل تشمل محاولات خطف، اقتحام منازل، وملاحقة، إضافة إلى الهجمات الإلكترونية واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتزييف الأصوات والمطالبة بتحويل أموال إلى محافظ عملات مشفرة يصعب تتبعها.

وتشير تقارير إلى أن قطاع العملات المشفرة كان من أوائل القطاعات التي تبنت إجراءات أمنية مشددة، مع تصاعد محاولات استهداف قادته وعائلاتهم في أوروبا والولايات المتحدة.

اتجاه نحو الحذر والسرية

يؤكد خبراء الأمن أن أي شركة تجمع بين شهرة عالية، قاعدة مساهمين واسعة، وصورة عامة مثيرة للجدل، أصبحت تواجه خطراً هيكلياً متزايداً على قادتها. ولهذا، يرى بعض المستثمرين ورواد الأعمال أن “خفض الظهور الإعلامي أصبح مفتاحاً للبقاء في أمان” وسط بيئة سياسية واجتماعية متقلبة.

اقرا ايضا

الامن يوقف صانعه محتوي علي تيك توك بتهمه نشر الفسق والفجور عبر الانترنت