تقارير التسلح

كاليفورنيا تتصدى لترامب: صراع سياسي وأمني يعيد رسم توازن السلطة

توتر يتجاوز المهاجرين ليعيد رسم حدود الفيدرالية

وسط تصاعد التوترات بين الإدارة الفيدرالية وولاية كاليفورنيا، تفجّر صدام مفتوح بين الرئيس دونالد ترامب وحاكم الولاية غافين نيوسوم، على خلفية مداهمات واسعة للهجرة واحتجاجات حاشدة.

مما اظهر خلافًا سياسيًا عابرًا، تحوّل إلى معركة رمزية تعكس الانقسام العميق بين توجهات “أمريكا التقدمية” التي تمثلها كاليفورنيا، ومشروع “ترامب المحافظ” الساعي لإعادة تشكيل مركزية السلطة الفيدرالية.

اقتصاد كاليفورنيا يعيد رسم خريطة النفوذ داخل أمريكا

في أبريل، أزاحت كاليفورنيا اليابان من المرتبة الرابعة عالميًا من حيث حجم الناتج المحلي، والذي تجاوز 4.1 تريليون دولار،تفوق اقتصادي مبني على أعمدة كبرى كصناعة الترفيه، التكنولوجيا المتقدمة والزراعة. هذا النمو الهائل يعزز من مكانة الولاية كقوة مستقلة، وهو ما يزعج ترامب الذي يعتبرها معقلًا للنخب الليبرالية والمواقف التي تتحدى رؤيته لأمريكا.

احتجاجات الهجرة تشعل الشوارع وتدفع ترامب لإرسال القوات

شهدت لوس أنجلوس تظاهرات ضخمة عقب تنفيذ مداهمات في مناطق تضم جاليات مهاجرة، خاصة في حي الأزياء.

رغم الطابع السلمي، أدت بعض الاشتباكات إلى تدخل فيدرالي مفاجئ، حيث أرسل ترامب وحدات من الحرس الوطني والمارينز، واصفًا المحتجين بأنهم “متمردون”، فيما اعتبر حاكم الولاية أن الأمر يمثل انتهاكًا صريحًا لسيادة كاليفورنيا.

ترامب يتّهم نيوسوم بالخيانة ويدعو لاعتقاله

في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، طالب ترامب علنًا باعتقال حاكم كاليفورنيا، متهمًا إياه بعرقلة تنفيذ القانون الفيدرالي.

 نيوسوم رد ساخرًا عبر منصة X: “تعالَ وخذني أيها القوي”، واعتبر تلك التصريحات تهديدًا للديمقراطية وخرقًا للدستور، لتتطور المواجهة إلى مسار قانوني برفع دعوى قضائية من الولاية ضد الحكومة الفيدرالية.

“الترامبية” في مواجهة نموذج كاليفورنيا التعددي

بالنسبة لمعسكر ترامب، تمثل كاليفورنيا نموذجًا مناقضًا تمامًا لمشروع “اجعل أمريكا عظيمة مجددًا”: تعددية ثقافية، دعم للهجرة، وسياسات بيئية متقدمة.

يرى بعض المحللين أن الصراع مع الولاية هو في جوهره معركة هوية، حيث تحاول الترامبية الحد من نفوذ نموذج يرى في التعددية والحرية مصدر قوة.

من حرائق الغابات إلى أساطير المياه: توترات متراكمة

الصدام السياسي لم يبدأ بالمظاهرات الأخيرة، بل سبقه خلاف خلال حرائق الغابات حين اتهم ترامب السلطات المحلية بسوء الإدارة.

مما زاد من حدة التوتر مزاعمه بأنه أطلق مليارات الغالونات من المياه لوس أنجلوس، في حين لم تصل تلك المياه فعلًا، مما اعتبره مراقبون جزءًا من نمط الدعاية الذاتية التي يعتمدها ترامب.

الحرب على استقلال كاليفورنيا البيئي

واحدة من أبرز جولات الصراع تمثلت في محاولة ترامب منع كاليفورنيا من فرض معاييرها البيئية، خاصة في ما يتعلق بانبعاثات السيارات.

ورغم فشل تلك المحاولات سابقًا، يخشى المراقبون من نجاحها الآن بفضل تشكيل المحكمة العليا الموالي له. كاليفورنيا تصر على أنها في طليعة الدفاع عن البيئة في وجه سياسات الإنكار والتراجع.

نيوسوم.. الخصم السياسي الأخطر في حسابات ترامب

تحوّل غافين نيوسوم إلى خصم مباشر للرئيس الأمريكي، في صراع يتجاوز السياسات إلى عداء شخصي مكشوف، ترامب يصفه بـ” نيوسكم”.

بينما يؤكد نيوسوم أنه يمثل خط الدفاع الأول عن الديمقراطية ضد نزعات الحكم الفردي. العلاقة بين الرجلين تجسد المواجهة الأوسع بين المركزية السلطوية والاستقلال المحلي.

هل يورّط ترامب الديمقراطيين في معركته الرمزية؟

رغم قناعة الديمقراطيين بشرعية معركتهم، يحذّر البعض من أنهم قد يسقطون في فخّ ترامب الذي يحوّل الاشتباكات والاحتجاجات إلى مادة دعاية انتخابية.

المشاهد التي تتضمن صدامات وفوضى تُغذي خطابه عن “الدولة الضعيفة”، حتى لو كانت الوقائع أكثر تعقيدًا من صور الشوارع.

تفكك مبدأ “حقوق الولايات” على يد إدارة جمهورية

رغم تمسك الجمهوريين تقليديًا بمبدأ استقلال الولايات، إلا أن إدارة ترامب تبنت سياسات مركزية متشددة، من نشر القوات إلى تهديدات بقطع التمويل الفيدرالي.

في المقابل، تذكّر كاليفورنيا الجميع بأنها تسهم في الميزانية الفيدرالية بأكثر مما تحصل عليه، وتصر على أن الدفاع عن استقلالها ليس تمرّدًا، بل تطبيقًا للمبادئ الدستورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى